التفاسير

< >
عرض

إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
١١
يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ
١٢
-الذاريات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } يحتمل أنْ يكون خطاباً لجميع الناس، أي: منكم مؤمن بمحمد، ومنكم مُكَذِّبٌ له، وهو قول قتادة، ويحتمل أَنْ يكونَ خطاباً للكفرة فقط؛ لقول بعضهم: شاعر، وبعضهم: كاهن، وبعضهم: ساحر، إلى غير ذلك؛ وهذا قول ابن زيد.

و{ يُؤْفَكُ } معناه: يُصْرَفُ، أي: يصرف من الكفار عن كتاب اللَّه مَنْ صُرِفَ مِمَّنْ غلبت عليه شَقَاوَتُهُ، وعُرْفُ الاستعمال في «أفك» إنَّما هو في الصرف من خير إلى شَرٍّ.

وقوله تعالى: { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } دعاءٌ عليهم؛ كما تقول: قاتلك اللَّه، وقال بعض المفسرين. معناه: لُعِنَ الخرَّاصون، وهذا تفسير لا يعطيه اللفظ.

* ت *: والظاهر ما قاله هذا المُفَسِّرُ؛ قال عِيَاضٌ في «الشفا» وقد يقع القتل بمعنى اللعن؛ قال اللَّه تعالى: { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } و { قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [المنافقون:4] أي: لعنهم اللَّه، انتهى، وقد تقدَّم للشيخ عند قوله تعالى: { { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْءِ } [الفتح:6] قال: كُلُّ ما كان بلفظ دعاء من جهة اللَّه عز وجل، فَإنَّما هو بمعنى إيجاب الشيء؛ لأَنَّ اللَّه تعالى لا يدعو على مخلوقاته، انتهى بلفظِهِ، وظاهِرُهُ مخالف لما هنا، وسيبينه في سورة البروج، والخَرَّاصُ: المُخَمِّنُ القائل بِظَنِّهِ، والإشارة إلى مُكَذِّبي النبي صلى الله عليه وسلم، والغَمْرَةُ: ما يَغْشَى الإنسانَ ويغطيه؛ كغمرة الماء، و{ سَـٰهُونَ } معناه: عن وجوه النظر.

وقوله تعالى: { يَسْـئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } أي: يوم الجزاء، وذلك منهم على جهة الاستهزاء.