التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ
١٣
ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
١٤
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٥
آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
١٦
كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
١٧
-الذاريات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله: { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } قال الزَّجَّاجُ: التقدير: هو كائن يومَ هم على النار يُفَتَنُونَ، و{ يُفْتَنُونَ } معناه: يُحْرَقُونَ ويُعَذَّبُون في النار؛ قاله ابن عباس والناس، وفَتَنْتُ الذهبَ أحرقتُه، و{ ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } أي: حرقكم وعذابكم؛ قاله قتادة وغيره.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ... } الآية، روى الترمذيُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقِينَ، حَتَّىٰ يَدَعَ مَا لاَ بَأْسَ بِهِ؛ حَذَراً لِمَا بِهِ البَأْسُ" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، انتهى، وقوله سبحانه في المتقين: { ءَاخِذِينَ مَا ءَاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } أي: مُحَصِّلِينَ ما أعطاهم رَبُّهم سبحانه من جناته، ورضوانه، وأنواع كراماته { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ }: يريد في الدنيا { مُحْسِنِينَ }: بالطاعات] والعمل الصالح.

* ت *: وروى التِّرْمِذِيُّ عن سعد بن أبي وَقَّاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ ظُفُرٌ مِمَّا في الجَنَّةِ بَدَا لَتَزَخْرَفَ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمٰوَاتِ والأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَ، فَبَدَا أَسَاوِرُهُ، لَطَمَسَ ضَوْءَ الشَّمْسِ؛ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ" انتهى، ومعنى قوله: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } أَنَّ نومهم كان قليلاً؛ لاشتغالهم بالصلاة والعبادةِ، والهجوعُ: النومُ، وقد قال الحسن في تفسير هذه الآية: كابَدُوا قيامَ الليل، لا ينامون منه إلاَّ قليلاً، وأَمَّا إعرابُ الآية فقال الضَّحَّاكُ في كتاب الطبريِّ: ما يقتضي أنَّ المعنى: كانوا قليلاً في عددهم، وتَمَّ خبرُ «كان» ، ثم ابتدأ { مِّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } فما نافية و{ قَلِيلاً } وقف حسن، وقال جمهور النحويين: ما مصدريَّةٌ و{ قَلِيلاً } خبرُ { كَانَ }، والمعنى: كانوا قليلاً من الليل هجوعُهُم، وعلى هذا الإعراب يجيء قولُ الحسن وغيرِهِ، وهو الظاهر عندي أَنَّ المراد كان هُجُوعُهُمْ من الليل قليلاً؛ قيل لبعض التابعين: مَدَحَ اللَّهُ قوماً { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } ونَحْنُ قليلاً من الليل ما نقوم! فقال: رَحِمَ اللَّهُ امرأً رقد إذا نعس، وأطاع رَبَّه إذا استيقظ.