وقوله سبحانه: { فَذَكِّرْ } أمر لنبيِّه ـــ عليه السلام ـــ بإدامة الدعاء إلى اللَّه عز وجل، ثم قال مؤنساً له: { فَمَا أَنتَ }: بإِنعام اللَّه عليك ولُطْفِهِ بك ـــ كاهِنٌ ولا مجنون.
وقوله سبحانه: { أَمْ يَقُولُونَ } أي: بل { يَقُولُونَ شَاعِرٌ... } الآية: رُوِيَ أَنَّ قريشاً اجتمعت في دار النَّدْوَةِ، فَكَثُرَتْ آراؤُهم في النبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قال قائل منهم: تَرَبَّصُوا به رَيْبَ المَنُونِ، أي: حوادِثَ الدهر، فَيَهْلِكَ كما هَلَكَ من قبله من الشُّعَرَاءِ: زُهَيْرٌ، والنَّابِغَةُ، وَالأَعْشَى، وغيرُهم، فافترقوا على هذه المقالة، فنزلت الآية في ذلك، والتَّرَبُّصُ: الانتظار، والمنون: من أسماء الموت، وبه فسر ابن عباس، وهو أيضاً من أسماء الدهر، وبه فَسَّرَ مجاهد، والرَّيْبُ هنا: الحوادث والمصائب: ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّما فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا" الحديثَ. وقوله: { قُلْ تَرَبَّصُواْ } وعيد في صيغة أمر.
وقوله سبحانه: { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُمْ بِهَـٰذَا } الأحلام: العقول، وقوله: { بِهَـٰذَا } يحتمل أنْ يشيرَ إلى هذه المقالة: هو شاعر، ويحتمل أَنْ يشير إلى ما هم عليه من الكُفْرِ وعِبَادَةِ الأصنام، و{ تَقَوَّلَهُ } معناه: قال عن الغير أَنَّهُ قاله، فهي عبارة عن كَذِبٍ مخصوص، ثم عَجَّزَهُمْ سبحانه بقوله: { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ } والضمير في { مِّثْلِهِ } عائد على القرآن.
وقوله: { إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ }
* ت *: أي: في أَنَّ محمداً تَقَوَّلَهُ؛ قاله الثعلبيُّ.