التفاسير

< >
عرض

أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ
٥٩
وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ
٦٠
وَأَنتُمْ سَامِدُونَ
٦١
فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ
٦٢
-النجم

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ... } الآية: روى سعد بن أَبي وَقَّاص أنَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ هٰذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِخَوْفٍ، فَإذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوا" ذكره الثعلبيُّ، وأخرج الترمذي والنسائيُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ: "لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَىٰ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، حَتَّىٰ يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ في مَنْخِرٍ أبَدًا" قال النسائيُّ: ويروى: «في جَوْفٍ أبَدًا»: «وَلاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإيمَانُ في قَلْبٍ أَبَدًا» قال الترمذي: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللَّهِ" انتهى من «مصابيح البَغَوِيِّ». قال أبو عمر بن عبد البر: رُوِيَ عنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال: "إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ؛ فَإنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ" انتهى من «بهجة المجالس»، وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هٰؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ؛ فَيَعْمَلَ بِهِنَّ، أَوْ يُعَلِّمَ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَعَدَّ خَمْسَاً، وَقَالَ: اتَّقِ الْمَحَارِمَ، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَٱرْضَ بِمَا قَسَّمَ اللَّهُ لَكَ، تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إَلىٰ جَارِكَ، تَكُنْ مُؤْمِناً، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، تَكُنْ مُسْلِماً، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ؛ فَإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ يُمِيتُ الْقَلْبَ" انتهى، والسامد: اللاعب اللاهي، وبهذا فسَّرَ ابن عباس وغيره من المفسرين، وسمد بلغة حمير: غَنِيَ، وهو كُلُّه معنى قريب بعضُه من بعض، ثم أمر تعالى بالسجود له والعبادة؛ تخويفاً وتحذيراً، وههنا سجدةٌ في قول كثير من العلماء، ووردت بها أحاديثُ صحاح، ولم يَرَ مالك بالسجود هنا، وقال زيد بن ثابت: إنَّهُ قَرَأ بِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَسْجُدْ. قال ابن العربيِّ في «أحكامه»: وكان مالكٌ يَسْجُدُهَا في خاصَّة نَفْسِهِ، انتهى