التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
-القمر

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ... } الآية: وعيدٌ لقريشٍ، وضَرْبُ مَثَلٍ لهم.

وقوله: { وَٱزْدُجِرَ }: إِخبار من اللَّه عز وجل أَنَّهُمْ زَجَرُوا نوحاً ـــ عليه السلام ـــ بالسَّبِّ والنَّجْهِ والتخويف، قاله ابن زيد.

وقوله: { فَٱنتَصِرْ } أي: فانتصر لي منهم بأن تهلِكَهُمْ.

وقوله: { فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاءِ } قال الجمهور: هذا مجاز وتشبيه؛ لأَنَّ المطر كأَنَّه من أبواب، وهذا مبدأ الانتصار من الكفار، والمُنْهَمِرُ: الشديد الوقوع الغزِيرُ، وقرأ الجمهور: { فَالْتَقَى ٱلمَاءُ } يعني: ماءَ السماء وماءَ العيون.

وقوله سبحانه: { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } أي: قد قُضِيَ وَقُدِّرَ في الأَزَلِ، و{ ذَاتِ أَلْوٰحٍ وَدُسُرٍ }: هي السفينة، والدَّسُرُ: المسامير، واحدها: دِسار؛ وهذا هو قول الجمهور، وقال مجاهد: الدُّسُرُ: أضلاع السفينة، قال العراقيُّ: والدِّسَار أيضاً: ما تُشَدُّ به السفينة، انتهى.

وقوله تعالى: { تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا } معناه: بحفظنا وتحتَ نظرٍ مِنَّا، قال البخاريُّ: قال قتادة: أبقى اللَّه عز وجل سفينةَ نوح حتَّى أدركها أَوائِلُ هذه الأُمَّةِ، انتهى، وقرأ جمهور الناس: { جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } مبنيًّا للمفعول، قال مكيُّ: قيل: «مَنْ» يرادُ بها نوحٌ والمؤمنون؛ لأنَّهم كُفِروا من حيثُ كُفِرَ بهم، فجزاهم اللَّه بالنجاة، وقُرِىء شاذًّا: «كَفَرَ» مبنيًّا للفاعل، والضمير في { تَّرَكْنَـٰهَا } قالَ مَكِّيّ: هو عائد على هذه الفِعْلَةِ والقِصَّةِ، وقال قتادة وغيره: هو عائد على السفينة، و{ مُّدَّكِرٍ } أصله: مدتكر؛ أبدلوا من التَّاءِ دالاً، ثم أدغموا الذَّالَ في الدَّالِ، وهذه قراءة الناس، قال أبو حاتم: ورُوِيَتْ عنِ النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح.