وقوله سبحانه: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ...} الآية: وعيدٌ لقريشٍ، وضَرْبُ مَثَلٍ لهم.
وقوله: {وَٱزْدُجِرَ}: إِخبار من اللَّه عز وجل أَنَّهُمْ زَجَرُوا نوحاً ـــ عليه السلام ـــ بالسَّبِّ والنَّجْهِ والتخويف، قاله ابن زيد.
وقوله: {فَٱنتَصِرْ} أي: فانتصر لي منهم بأن تهلِكَهُمْ.
وقوله: {فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاءِ} قال الجمهور: هذا مجاز وتشبيه؛ لأَنَّ المطر كأَنَّه من أبواب، وهذا مبدأ الانتصار من الكفار، والمُنْهَمِرُ: الشديد الوقوع الغزِيرُ، وقرأ الجمهور: {فَالْتَقَى ٱلمَاءُ} يعني: ماءَ السماء وماءَ العيون.
وقوله سبحانه: {عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} أي: قد قُضِيَ وَقُدِّرَ في الأَزَلِ، و{ذَاتِ أَلْوٰحٍ وَدُسُرٍ}: هي السفينة، والدَّسُرُ: المسامير، واحدها: دِسار؛ وهذا هو قول الجمهور، وقال مجاهد: الدُّسُرُ: أضلاع السفينة، قال العراقيُّ: والدِّسَار أيضاً: ما تُشَدُّ به السفينة، انتهى.
وقوله تعالى: {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا} معناه: بحفظنا وتحتَ نظرٍ مِنَّا، قال البخاريُّ: قال قتادة: أبقى اللَّه عز وجل سفينةَ نوح حتَّى أدركها أَوائِلُ هذه الأُمَّةِ، انتهى، وقرأ جمهور الناس: {جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} مبنيًّا للمفعول، قال مكيُّ: قيل: «مَنْ» يرادُ بها نوحٌ والمؤمنون؛ لأنَّهم كُفِروا من حيثُ كُفِرَ بهم، فجزاهم اللَّه بالنجاة، وقُرِىء شاذًّا: «كَفَرَ» مبنيًّا للفاعل، والضمير في {تَّرَكْنَـٰهَا} قالَ مَكِّيّ: هو عائد على هذه الفِعْلَةِ والقِصَّةِ، وقال قتادة وغيره: هو عائد على السفينة، و{مُّدَّكِرٍ} أصله: مدتكر؛ أبدلوا من التَّاءِ دالاً، ثم أدغموا الذَّالَ في الدَّالِ، وهذه قراءة الناس، قال أبو حاتم: ورُوِيَتْ عنِ النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح.