التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ
١
وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ
٢
وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
٣
وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
٤
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ
٥
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ
٦
خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
٧
مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
-القمر

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله سبحانه: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } معناه: قربت الساعة، وهي القيامة، وأمرها مجهول التحديد، وكل ما يُرْوَى في عمر الدنيا من التحديد فضعيف.

وقوله: { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } إخبار عمَّا وقع؛ وذلك أَنَّ قريشاً سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آيةً فَأَرَاهُمُ اللَّهُ ٱنْشِقَاقَ الْقَمَرِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالكُفَّارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ٱشْهَدُوا.

وقوله: { وَإِن يَرَوْاْ }: جاء اللفظ مستقبلاً، لينتظمَ ما مضى وما يأتي، فهو إخبار بأنَّ حالهم هكذا.

وقوله: { مُّسْتَمِرٌّ }: قال الزَّجَّاجُ: قيل معناه: دائم متمادٍ، وقال قتادة وغيره: معناه: مارٌّ ذاهب عن قريب يزول، ثم قال سبحانه على جهة جزم الخبر: { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } كأَنَّه يقول: وكل شيء إِلى غاية عنده سبحانه، و{ مُزْدَجَرٌ } معناه: موضع زجر.

وقوله: { فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ }: يحتمل أنْ تكون «ما» نافية، ويحتمل أنْ تكون استفهاميَّة.

ثم سَلَّى سبحانه نِبِيَّه ـــ عليه السلام ـــ بقوله: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي: لا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ، وتَمَّ القولُ في قوله: { عَنْهُمْ } ثم ابتدأ وعيدَهم بقوله: { يَوْمَ } والعامل في [{ يَوْمَ }] قوله { يَخْرُجُونَ } وقال الرُّمَّانِيُّ: المعنى: فتولّ عنهم، واذكر يوم، وقال الحسن: المعنى: فتَولَّ عنهم إلى يوم.

وقرأ الجمهور: «نُكُرِ» ـــ بضم الكاف ـــ؛ قال الخليل: النُكُر: نعت للأمر الشديد والرجل الداهية، وخَصَّ الأبصارَ بالخشوع، لأَنَّهُ فيها أظهرُ منه في سائر الجوارح، وكذلك سائر ما في نفس الإنسان من حياء أَو صَلَفٍ أو خوف ونحو، إِنَّما يظهرُ في الأبصار، و{ ٱلأَجْدَاثِ }: جمع جَدَثٍ وهو القبر، وشَبَّهَهُمْ سبحانه بالجراد المنتشر، وقد شبههم سبحانه في آية أخرى بالفراش المبثوث، وفيهم من كل هذا شَبَهٌ، وذهب بعض المفسرين إلى أَنَّهم أَوَّلاً كالفراش حين يَمُوجُ بعضُهم في بعض؛ ثم في رتبة أُخرى كالجراد إذا توجَّهُوا نحو المَحْشَرِ والداعي، والمُهْطِعُ: المُسْرِعُ في مشيه نحو الشيء مع هَزٍّ ورَهَقٍ ومَدِّ بَصَرٍ نحو المَقْصِدِ، إِمَّا لخوف، أو طمع ونحوه؛ قال أبو حيان: { مُهْطِعِينَ } أي: مسرعين، وقيل: فاتحين آذانهم للصوت، انتهى.

وَ{ يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } لما يرون من مخايل هَوْلِهِ وعلامات مشقته.