التفاسير

< >
عرض

كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ
٥٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٩
هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ
٦٠
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦١
-الرحمن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } الآية، الياقوتُ والمَرْجَان هي من الأشياء التي قد بَرَعَ حُسْنُهَا، واستشْعَرَتِ النفوسُ جلالتها، فوقع التشبيه بها فيما يشبه، ويحسن بهذه المُشَبَّهَاتِ، فالياقوتُ في ٱملاسِّهِ وشُفُوفِهِ، ولو أدخلْتَ فيه سِلْكاً، لرأيته من ورائه، وكذلك المرأة من نساء الجنة يُرَى مُخُّ ساقها من وراء العَظْم، والمَرْجَانُ في املاسِّه وجمالِ منظره.

وقوله سبحانه: { هَلْ جَزَاءُ ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ }: آيةُ وَعْدٍ وبَسْطٍ لنفوسِ جميعِ المؤمنين؛ لأَنَّها عامَّةٌ؛ قال ابن المُنْكَدِرِ، وابن زيد، وجماعةٍ من أهْلِ العلم: هي لِلْبَرِّ والفاجر، والمعنى: أَنَّ جزاءَ مَنْ أحْسَنَ بالطاعةِ أَنْ يُحْسَنَ إليه بالتنْعِيمِ، وحكى النَّقَّاشُ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ هذه الآية: هَلْ جَزَاءُ التَّوْحِيدِ إلاَّ الجَنَّةُ.

* ت *: ولو صَحَّ هذا الحديثُ، لوجَبَ الوقوفُ عنده، ولكنَّ الشأن في صِحَّتِهِ، قال الفخر: قوله تعالى: { هَلْ جَزَاءُ ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ } فيه وجوهٌ كثيرةٌ، حَتَّىٰ قيل: إنَّ في القرآن ثلاثَ آيات، في كل واحدة منها مائةُ قَوْلٍ، إحداها: قوله تعالى: { { فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ } [البقرة:152] وثانيتُهَا: { { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } [الإسراء:8] وثالثتها: { هَلْ جَزَاءُ ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ } ولنذكر الأشهر منها والأقرب:

أما الأشهر فوجوه.

أحدها: هل جزاء التوحيدِ إلاَّ الجنةُ، أي: هل جزاءُ مَنْ قال: لا إلٰه إلا اللَّه إلاَّ دخولُ الجَنَّةِ.

ثانيها: هل جزاءُ الإحسان في الدنيا إلاَّ الإحسانُ في الآخرة.

ثالثها: هل جزاء مَنْ أحسنَ إليكم بالنعم في الدنيا إلاَّ أَنْ تَحْسِنُوا له العبادَةَ والتقوى.

وأمَّا الأقرب فهو التعميم، أي: لأنَّ لفظ الآية عامٌّ، انتهى.