التفاسير

< >
عرض

فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ
٨
وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ
٩
وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ
١٠
أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ
١١
فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
١٢
-الواقعة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }: ابتداء، و{ مَا } ابتداء ثانٍ، { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }: خبرُ { مَا }، والجملة خبر الابتداء الأوَّلِ، وفي الكلام معنى التعظيم؛ كما تقول: زيد ما زيد، ونظير هذا في القرآن كثير، والميمنة أظهر ما في اشتقاقها أَنَّها من ناحية اليمين، وقيل من اليمْن، وكذلك المشأمة: إمَّا أَنْ تكونَ من اليد الشُّؤْمى، وإمَّا أَنْ تكونَ من الشؤم، وقد فُسِّرَتِ الآيةُ بهذين المعنيين.

وقوله تعالى: { وَٱلسَّـٰبِقُونَ }: ابتداء، و{ ٱلسَّـٰبِقُونَ } الثاني: قال سيبويه: هو خبر الأَوَّلِ، وهذا على معنى تفخيم الأمر وتعظيمه، وقال بعض النحاة: السابقون الثاني نَعْتٌ للأوَّلِ، ومعنى الصفة أَنْ تقولَ: والسابقون إلى الإيمان السابقونَ إلى الجنة والرحمة أَولئك، وَيَتَّجِهُ هذا المعنى على الابتداء والخبر.

وقوله: { أُوْلَـئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ }: ابتداء وخبر، وهو في موضع الخبر؛ على قول مَنْ قال: { ٱلسَّـٰبِقُونَ } الثاني صِفَةٌ، و{ ٱلْمُقَرَّبُونَ }: معناه: مِنْ اللَّه سبحانه في جَنَّةِ عَدَنٍ، فالسابقون معناه: الذين قد سبقت لهم السعادة، وكانت أعمالُهُمْ في الدنيا سبقاً إلى أعمال البِرِّ وإلى ترك المعاصي، فهذا عمومٌ في جميع الناس، وخَصَّصَ المفسرون في هذه أشياء تفتقر إلى سند قاطع، "ورُوِيَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ السَّابِقِينَ؟ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ بِحُكْمِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ" والمقربون عبارة عن أعلى منازل البشر في الآخرة، قال جماعة من أهل العلم: هذه الآية متضمنة أَنَّ العالم يومَ القيامة على ثلاثة أصناف.