التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ
٥٨
ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ
٥٩
نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٦٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦١
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ
٦٣
-الواقعة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } الآية: وليس يوجد مفطورٌ، يخفى عليه أَنَّ المَنِيَّ الذي يخرُجُ منه ليس له فيه عمل ولا إرادة ولا قدرة، وقرأ الجمهور: «قَدَّرْنَا» وقرأ ابن كثير وحده: «قَدَرْنَا» بتخفيف الدال، فيحتمل أَنْ يكونَ المعنى فيهما: قضينا وأثبتنا، ويحتمل أَنْ يكون بمعنى: سَوَّيْنَا، قال الثعلبيُّ عنِ الضحاك: أي: سَوَّيْنَا بين أهل السماء وأهل الأرض.

وقوله: { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي: على تبديلكم إنْ أردناه، وأَنْ نُنْشِئَكُمْ بأوصاف لا يصلها علمُكُم، ولا يُحيطُ بها فكركم، قال الحسن: من كونهم قردةً وخنازيرَ؛ لأَنَّ الآية تنحو إلى الوعيد، و{ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ }: قال أكثر المفسرين: إشارة إلى خلق آدم، وقيل: المراد: نشأة الإنسان في طفولته، وهذه الآية نَصٌّ في استعمال القياس والحَضِّ عليه، وعبارة الثعلبي: ويقال: { ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ } نطفة، ثم عَلَقَةٌ، ثم مُضْغَةٌ، ولم يكونوا شيئاً { فَلَوْلا } أي: فهلا تذكرون أَنِّي قادر على إعادتكم كما قَدَرْتُ على إبدائكم، وفيه دليل على صِحَّةِ القياس؛ لأَنَّهُ عَلَّمَهُمْ سبحانه الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأُخْرَى، انتهى.