قوله عز وجل: { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }: قال أكثر المفسرين: التسبيح هنا هو التنزيه المعروف في قولهم: سبحان اللَّهِ، وهذا عندهم إخبار بصيغة الماضي مضمنه الدوامُ والاستمرارُ، ثم اختلفوا: هل هذا التسبيح حقيقةٌ أو مجاز على معنى أَنَّ أثر الصنعة فيها تُنَبِّهُ الرائي على التسبيح؟ قال الزَّجَّاجُ وغيره: والقول بالحقيقة أحسن، وهذا كله في الجمادات، وأَمَّا ما يمكن التسبيح منه فقول واحد: إن تسبيحهم حقيقة.
وقوله تعالى: { هُوَ ٱلأَوَّلُ } [أي]: [الذي] ليس لوجوده بداية مُفْتَتَحَةٌ { وَٱلأَخِرُ }: الدائم الذي ليس له نهاية منقضية، قال أبو بكر الوَرَّاق: { هُوَ ٱلأَوَّلُ }: بالأزلية { وَٱلأَخِرُ }: بالأبديَّة.
{ وَٱلظَّـٰهِرُ }: معناه بالأدِلَّةِ ونَظَرِ العقول في صنعته.
{ وَٱلْبَـٰطِنُ }: بلطفه وغوامضِ حكمته وباهِرِ صفاته التي لا تصل إلى معرفتها على ـــ ما هي عليه ـــ الأوهامُ، وباقي الآية تقدم تفسيرُ نظيره.
وقوله تعالى: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } معناه: بقدرته وعلمه وإحاطته، وهذه آية أجمعت الأُمَّةُ على هذا التأويل فيها، وباقي الآية بَيِّنٌ.