التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢٩
-الحديد

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ } قالت فرقة: الخطاب بهذه الآية لأهل الكتاب، ويؤيده الحديث الصحيح: " ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بي" الحديث، وقال آخرون: الخطاب للمؤمنين من هذه الأمة، ومعنى { وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ } أي: اثبتوا على ذلك ودوموا عليه، { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } أي: نصيبين بالإضافة إلى ما كان الأمم قبل يعطونه، قال أبو موسى: { كِفْلَيْنِ }: ضعفين بلسان الحبشة، والنور هنا: إمَّا أَنْ يكونَ وعداً بالنور الذي يسعى بين الأيدي يومَ القيامة، وإمَّا أَنْ يكون استعارة للهُدَى الذي يمشي به في طاعة اللَّه.

وقوله تعالى: { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَىْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ... } الآية: رُوِيَ أَنَّه لما نزل هذا الوعدُ المتقدم للمؤمنين، حسدهم أهلُ الكتاب على ذلك، وكانتِ اليهودُ تُعَظِّمُ دِينَهَا وأَنْفُسَهَا، وتزعم أَنَّهم أحِبَّاءُ اللَّه وأهلُ رضوانه، فنزلت هذه الآية مُعْلِمَةً أَنَّ اللَّه فعل ذلك، وأعلم به؛ ليعلمَ أَهل الكتابِ أَنَّهم ليسوا كما يزعمون، و«لا» في قوله: { لِّئَلاَّ } زائدة، وقرأ ابن عباس والجَحْدَرِيُّ: «لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ»، وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس: «كَيْ يَعْلَمَ» وروي عن حِطَّانَ الرُّقَاشِيِّ أنه قرأ: «لأَنْ يَعْلَمَ».

وقوله تعالى: { أَلاَّ يَقْدِرُونَ } معناه: أَنَّهم لا يملكون فضلَ اللَّه، ولا يدخل تحت قُدَرهم، وباقي الآية بَيِّنٌ.