التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ
١٣
-الممتحنة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله عز وجل: { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ... } الآية: هذه بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على الصَفَا، وهي كانت في المعنى بَيْعَةِ الرجال قَبْلَ فرض القتال.

* ت *: وخرَّج البخَاريُّ بسنده عن عائِشَةَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهٰذِهِ الآيَةِ: { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ } الآية.

وكذا روى البخاريُّ من طريق ابن عباس أَنَّهُ ـــ عليه السلام ـــ تَلاَ عَلَيْهِنَّ الآيةَ يَوْمَ الْفِطْرَ عَقِبَ الصَّلاَةِ، وَنَحْوُهُ عن أُمِّ عطيةَ في البخاري: "وَقَرَأَ عَلَيْهِنَّ الآيَةَ أيْضاً في ثَانِي يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ" وكلام * ع *: يُوهِمُ أَنَّ الآيةَ نزلت في بيعة النساء يومَ الفتح، وليس كذلك؛ وإنَّما يريد أَنَّه أعاد الآيةَ على مَنْ لم يبايعه من أهل مَكّة؛ لِقُرْبِ عهدهم بالإسلام، واللَّه أعلم، والإتيان بالبهتان: قال أكثر المفسرين: معناه أنْ تَنْسِبَ إلى زوجها ولداً ليس منه، قال * ع *: واللفظ أَعَمُّ من هذا التخصيص.

وقوله تعالى: { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ }: يعم جميع أوامر الشريعة، فَرْضَهَا وَنَدْبَهَا، وفي الحديث: "أَنَّ جَمَاعَةَ نُسْوَةٍ قُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُبَايِعُكَ عَلَى كَذَا وَكَذَا الآية، فَلَمَّا فَرَغْنَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ، فَقُلْنَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنَّا لأَنْفُسِنَا" وقوله تعالى: { فَبَايِعْهُنَّ } أي: أمض لَهُنَّ صفقة الإيمان؛ بأنْ يُعْطِينَ ذلك من أنفسهن، ويُعْطَيْنَ عليه الجَنَّةَ، واخْتُلِفَ في هيئة مبايعته صلى الله عليه وسلم النساءَ بعد الإجماع على أَنَّهُ لم تَمَسَّ يَدُهُ يَدَ امرأة أجنبيَّةٍ قَطُّ؛ والمرويُّ عن عائشةَ وغيرِها: "أَنَّهُ بَايَعَ بِاللِّسَانِ قَوْلاً، وقال: إنَّما قَوْلِي لِمِائَةِ ٱمْرَأَةٍ كَقَوْلِي لامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ" .

و{ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ }: هم اليهود في قول ابن زيد وغيره، ويأسهم من الآخرة: هو يأسهم من نعيمها مع التصديق بها، وقال ابن عباس: { قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ }: في هذه الآية كُفَّارُ قريش.

وقوله: { كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّـٰرُ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْقُبُورِ }: على هذا التأويل هو على ظاهره في اعْتِقَادِ الكَفَرَةِ إذَا مَاتَ لَهُمْ حَمِيمٌ قَالوا: هَذَا آخِرُ العَهْدِ بِهِ لاَ يُبْعَثُ أبَداً.