التفاسير

< >
عرض

إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ
٢
لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
-الممتحنة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاءً... } الآية: أخبر تعالى أَنَّ مُدَارَاةَ هؤلاء الكفرة غيرُ نافعة في الدنيا، وأَنَّها ضارَّةٌ في الآخرة؛ ليبين فسادَ رأي مُصَانِعِهِمْ، فقال: { إِن يَثْقَفُوكُمْ } أي: إنْ يتمكنوا منكم وتحصلوا في ثقافهم ظهرت عداوتهم، وانبسطت إليكم أيديهم بِضَرَرِكُمْ وَقَتْلِكُمْ، وانبسطت ألسنتُهم بسبِّكم، وأَشَدُّ من هذا كله إنَّما يقنعهم أَنْ تكفروا، وهذا هو ودهم،، ثم أخبر تعالى أنَّ هذه الأرحامَ التي رغبتم في وصلها، ليستْ بنافعة يومَ القيامة، فالعامل في { يَوْمَ } قوله { تَنفَعَكُمْ }، وقيل: العامل فيه { يُفَصِلُ } وهو مِمَّا بعده لا مِمَّا قبله، وعبارةُ الثعلبيِّ { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـٰمُكُمْ } أي: قرابتكم منهم { وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ }: الذين عندهم بمكة { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ }: إذا عصيتم اللَّه من أجلهم { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ }: فيدخل المؤمنون الجنة، والكافرون النارَ، انتهى.

* ت *: وهذه الآية تنظر إلى قوله تعالى: { { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } [سبأ:37] الآية: واعلم أنَّ المال والسبب النافع يوم القيامة، ما كان لِلَّهِ وقُصِدَ به العونُ على طاعة اللَّه، وإلاَّ فهو على صاحبه وَبَالٌ وطولُ حساب، قال ابن المبارك في «رقائقه»: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد اللَّه بن الحارث يُحَدِّثُ عن أبي كثير، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي أَنَّه سمعه يقول: ويجمعون ـــ يعني ليوم القيامة ـــ فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينُها؟ فيبرزون، فَيُقَالُ: ما عندكم؟ فيقولون: يا رَبَّنَا، ابْتُلِينَا فَصَبِرْنَا، وأنت أعلم، أحسبه، قال: ووليت الأموال والسلطانَ غَيْرَنا، فيقال: صدقتم، فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمان، وتبقى شِدَّةُ الحساب على ذَوِي السلطان والأموال، قال: قلت: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال: توضع لهم كراسيُّ من نور، ويُظَلِّلُ عليهم الغمامُ، ويكون ذلك اليومُ أقصرَ عليهم من ساعة من نهار، انتهى، وفي قوله تعالى: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }: وعيدٌ وتحذير.