التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
-الجمعة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { قُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ... } الآية، رُوِيَ أنها نزلتْ بسبب أنَّ يهودَ المدينةِ لَمَّا ظَهَرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، خَاطَبُوا يهودَ خيبرَ في أمره، وذكرُوا لهم نبوَّتَه، وقالوا إن رأيتم اتَّبَاعَهُ أطَعْنَاكُمْ وإنْ رأيتم خِلاَفَه خَالَفْنَاه معكم، فجاءهَم جوابُ أهْلِ خيبرَ يقولونَ: نحن أبناءُ إبراهيمَ خليلِ الرحمٰنِ؛ وأبناءُ عزيرِ بنُ اللَّهِ ومنا الأنبياءُ، ومتى كَانَتْ النبوةُ في العرب، نحن أحقُّ بالنبوةِ من محمدِ، ولا سبيلَ إلى اتباعهِ، فنزلتِ الآيةَ بمعنى: أنكم إذا كنتم منَ اللَّهِ بهذه المنزلةِ فَقُرْبُهُ وفراقُ هذه الحياةِ الخسيسةِ أحبُّ إليكم، فَتَمَنَّوْا الموتَ إن كنتم تَعْتَقِدُون في أنفسِكم هذه المنزلة، ثم أخبر تعالى أنهم لا يتمنونه أبداً لعلمِهم بسوءِ حالِهم، ورَوَى كثيرٌ من المفسرينَ أن اللَّه ـــ جَلَّتْ قُدْرَتُه ـــ جَعَلَ هذه الآيةَ معجزةً لمحمدٍ نبيِّه صلى الله عليه وسلم فِيهم، فَهِيَ آيةٌ باهرةٌ؛ وأعلَمَه أنه إن تمنى أحدٌ منهمُ الموتَ في أيام معدوداتٍ مَاتَ وفَارَقَ الدنيا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تَمَنّوُا الموتَ، على جهةِ التعجيزِ وإظهار الآيةِ، فما تَمَنَّاهُ أحد منهم خَوْفاً من الموتِ وثقةً بصدقِ نبيِّنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم.