التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً
٤
ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً
٥
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ
٦
-الطلاق

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نّسَائِكُمْ... } الآية، «اللائي» جمعُ «التي» واليائساتُ من المحيض على مراتبَ؛ مَحَلُّ بَسْطِها كُتُبُ الفِقْهِ، وَرَوَىٰ إسماعيلُ بْنُ خالدٍ؛ أنَّ قَوْماً منهم أُبَيُّ بن كعبٍ وخَلاَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، لما سمعوا قوله تعالى: { { وَٱلْمُطَلَّقَـٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوءٍ } [البقرة:228] قَالُوا: يا رسولَ اللَّه؛ فما عِدَّةُ مَنْ لاَ قَرْءَ لَهَا؛ مِنْ صِغَرٍ أو كِبَرٍ، فنزلَتْ هذه الآية، فقالَ قائلٌ منهم: فَمَا عِدَّةُ الحَامِلِ فنزلَتْ: { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وهُو لفظٌ يَعُمُّ الحواملَ المطلقاتِ والمعْتَدَّاتِ من الوَفَاةِ، والارتيابُ المذكورُ قيلَ: هو بأمر الحَمْلِ.

وقوله سبحانه: { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم... } الآية، أمْرٌ بإسكانِ المطلقاتِ ولاَ خِلاَفَ في ذلك؛ في التي لَمْ تُبَتَّ وأمَّا المَبْتُوتَةُ؛فَمَالكٌ يَرَى لَها السُّكْنَى لمكانِ حِفْظِ النسب، ولا يَرَى لها نَفَقَةً؛ لأنَّ النفقةَ بإزَاء الاسْتِمْتَاعِ، وقال الثعلبيُّ: { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } أي: في مساكِنِكم التي طلقتموهنَّ فِيها، انتهى، والوُجْدُ السِّعَةُ في المالِ، وأما الحَامِلُ فَلا خِلاَفَ في وُجُوبِ سُكْنَاها ونفقتِها؛ بُتَّتْ أوْ لَمْ تُبَتَّ؛ لأَنَّها مُبَيَّنة في الآيةِ، وأَنما اخْتَلَفُوا في نفقةِ الحامِل المُتَوفَّى عَنْهَا زوجُها، هَلْ يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ التِّرْكَةِ، أمْ لاَ، وكذلكَ النَّفَقَةُ على المُرْضِعِ المطلقةِ وَاجِبَةٌ، وبَسْطُ ذلك في كتبِ الفقه.

وقوله سبحانه: { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي ليأمُرْ كلُّ واحدٍ صاحبَه بخيرٍ، ولْيَقْبَلْ كلُّ أحَدٍ مَا أُمِرَ بهِ من المعروف.

وقوله سبحانه: { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } أي: تَشَطَّطت المرأة في الحدِّ الذي يكونُ أُجْرَةً على الرِّضَاعِ، فللزَّوْجِ أن يسترضِع بما فيه رِفْقُه إلا أَلاَّ يقبلَ المولودُ غَيْرَ أمِّه، فَتُجْبَرُ هِي حِينَئِذٍ عَلى رَضَاعِه بأجْرَةِ مثلها ومثل الزوجِ في حالهما وغناهما.

* ت *: وهذا كله في المطلقة البائِنِ، قال ابن عبد السلام من أصحابنا: الضميرُ في قوله تعالى: { أَفَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } عائِدٌ على المطلقاتِ وكَذَلِكَ قوله تعالى: { { وَٱلْوٰلِدٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ } [البقرة:233] وأمَّا ذَاتُ الزوج أو الرَّجْعِية، فَيَجِبُ عليها أنْ ترضِعَ مِنْ غَيْر أجْرٍ إلا أنْ تَكونَ شريفَةً فلا يلزمُها ذلك، انتهى.