وقوله سبحانه: { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ } هذا أيضاً توقيفٌ على أمْرٍ لاَ مَدْخَل للأصنامِ فيه.
وقوله سبحانه: { أَفَمَن يَمْشِى مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ } قال ابن عباس والضحاك ومجاهد: نزلَتْ مثَلاً للمؤمنينَ والكافرين؛ على العمومِ، وقال قتادةُ: نزلت مُخْبِرةً عن حال القِيَامَةِ، وأنَّ الكفارَ يَمْشُونَ على وجوهِهم، والمؤمنينَ يمشُون على استقامةٍ، كما جاء في الحديث، ويُقالُ: أكَبَّ الرجلُ إذا دَرَّ وَجْهَهُ إلَى الأَرْضِ، وكَبَّه غَيْرُهُ، قال ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ:
"وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ" فَهَذَا الفِعْلُ على خلافِ القَاعِدَة المعلومةِ؛ لأَنَّ «أَفْعَلْ» هنا لا يتعدّى، و«فَعَلَ» يَتَعَدَّى، ونظيرُه قَشَعَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ فانْقَشَعَ، وقال * ص *: { مُكِبّاً } حالٌ وهو مِنْ أَكَبَّ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَكَبَّ متعدٍ، قال تعالى: { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } [النمل:90] والهَمْزَةُ فيه للدخولِ في الشيءِ، أو للصيرورَةِ، ومطاوع كَبَّ: انْكَبّ، تَقُولُ كَبَبْتُه فانْكَبَّ، قال بَعْضُ الناس: ولاَ شَيْءَ من بناءِ «أفْعَلَ» مطاوعاً، انتهى، و{ أَهْدَىٰ } في هذه الآية أفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الهُدَى.