التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
-الحاقة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } خُصَّتْ هذه الخلةُ بالذكرِ، لأنَّها من أضَرِّ الخِلاَلِ بالبشر؛ إذا كثُرَتْ في قوم هَلَكَ مساكينُهم، * ت *: ونَقَلَ الفخرُ عن بعض الناس أنه قال في قوله تعالى: { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ }: دليلانِ قويَّانِ على عِظَمِ الجرْمِ في حِرْمَانِ المساكين، أحدهما: عَطْفُه على الكفرِ وجَعْلُه قريناً له، والثاني: ذِكْرُ الحضِّ دُونَ الفِعْلِ ليعلمَ أنَّه إذا كانَ تاركَ الحضِّ بهذه المنزلةِ، فكيفَ بمن ترك الفِعْل، قال الفخر: ودلتِ الآية على أنَّ الكفارَ يُعَاقَبُونَ على ترك الصلاةِ والزكاةِ، وهو المرادُ من قولنا: إنهم مخاطَبُون بفروعِ الشريعة وعن أبي الدَّرْدَاءِ أنه: كانَ يَحُضُّ امرأتَه على تكثيرِ المَرَقِ؛ لأجْلِ المساكينِ، ويقول: خَلَعْنَا نصفَ السلسلةِ بالإيمَانِ، أَفَلاَ نَخْلَعُ النصفَ الثاني، انتهى.

وقوله: { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ } أي صَدِيقٌ لطيفُ المودةِ؛ قاله الجمهور، وقيلَ: الحميمُ الماءُ السُّخْنُ، فكأنه تعالى أخبرَ أنَّ الكافرَ ليس له ماءٌ ولا شيءٌ مائعٌ ولا طَعَامٌ إلا مِنْ غِسْلينٍ، وهو ما يَجْرِي من الجَرَاحِ، إذا غَسِلَتْ، وقال ابن عباس: الغسلينُ هو صَدِيدُ أهْلِ النار، وقال قَوم: الغسلينُ: شيءٌ يجري من ضَرِيع النارِ، * ص *: { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } أبو البقاء النونُ في: (غسلين) زائدةٌ: لأنه غُسَالَةُ أهلِ النار، انتهى، والخاطىء الذي يفعل ضدَّ الصوابِ.