وقوله سبحانه: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }، الآية تتضمَّن الإِخبار عن قَوْمٍ أهْلِ إِيمانٍ واستقامةٍ وهدايةٍ، وظاهُرها، يقتضي كُلَّ مُؤْمِنٍ كان مِنْ لَدُنْ آدم عليه السلام إِلى قيام الساعة، ورُوِيَ عن كثيرٍ من المفسِّرين: أنها في أمَّة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، ورُوِيَ في ذلك حديثٌ أنَّ: النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"هَذِهِ الآيَةُ لَكُمْ" . وقوله سبحانه: {وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا} الآية وعيد، والإِشارة إِلى الكُفَّار، و{سَنَسْتَدْرِجُهُم } معناه: سنُسوقهم شيئاً بعد شَيْءٍ ودرجةً بعد درجةٍ؛ بالنِّعم عليهم والإِمهال لهم؛ حتى يغترُّوا ويظنُّوا أنهم لا ينالُهم عقابٌ، وقوله: {مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ}، أيْ: من حيث لا يَعْلَمُون أنه ٱستدراجٌ لهم، وهذه عقوبةٌ لهم مِنَ اللَّه سبحانه عَلَى التَّكْذِيبِ لِمَا حَتمَ عليهم بالعذاب، أملَى لهم ليزدادوا إثماً.
وقوله: {وَأُمْلِي}: معناه: أُؤخِّرُ ملاَوَةً من الدهر، أي: مُدَّةً و{مَتِينٌ}: معناه: قويٌّ.