التفاسير

< >
عرض

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ
٨٠
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
٨١
وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
٨٢
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٨٣
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٨٤
-الأعراف

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }.

لوطٌ عليه عليه السلام بعثه اللَّه سبحانه إِلى أُمَّة تسَّمى «سَدُومَ» ورُوِيَ أَنه ابنُ أَخِي إِبراهيمَ عليه السلام ونَصْبُه: إما بـــ «أرسلنا» المتقدِّم في الأنبياء، وإما بفعل محذوف، تقديره: وٱذكر لوطاً، و{ الفَاحِشَةَ }: إتيان الذكور في الأَدْبَارِ، ورُوِيَ أنه لم تكُنْ هذه المعصيةُ في أُمَّة قبلهم، وحُكْم هذه الفاحشة؛ عند مالك وغيره: الرجْمُ، أُحْصِنَ أم لم يُحْصن، وحرَّقُ أبو بكر الصديقُ رضي اللَّه عنه رجُلاً عَمِلَ عَمَل قومِ لوط، وقرأ نافع وغيره: «أَنَّكُمْ»؛ على الخبر؛ كأنه فَسَّر الفاحشة، والإِسرافُ: الزيادةُ الفاسدةُ، ولم تكُنْ مراجعةُ قومه بٱحتجاجٍ منهم، ولا بمدافعة عقليَّة، وإِنما كانَتْ بكُفْر وخِذْلان، و{ يَتَطَهَّرُونَ }: معناه: يتنزَّهون عن حالنا وعادَتِنا.

قال قتادة: عَابُوهم بِغَيْرِ عَيْبٍ، وذمُّوهم بغير ذَمٍّ واستثنى اللَّه سبحانه ٱمرأَةَ لوطٍ عليه السلام من الناجينَ، وأخبر أنها هَلَكَتْ، والغابِرُ: هو الباقي؛ هذا هو المشهور في اللغة، وقد يجيء الغَابِرُ بمعنى الماضِي، وكذلك حَكَى أهل اللغةُ «غَبَرَ» بمعنى بَقِيَ، وبمعنى «مضى»، وقوله: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً... } الآية، أي: بحجارةٍ، ورُوِيَ أنَّ اللَّه تعالى بعث جبريل، فٱقتلعها بجناحِهِ، وهي ستُّ مدن.

وقيل خمسٌ، وقيل: أربع، فرفعها حتَّى سمع أَهْلُ السماء الدنيا صُرَاخَ الدِّيَكَة، وَنُبَاحَ الكِلاَبِ، ثم عكَسَها، وَرَدَّ أعلاها أَسْفَلَهَا، وأرسلها إِلى الأرض، وتبعتهم الحِجَارَةُ مع هذا، فأهلكَتْ مَنْ كان منهم، مَنْ كان في سَفَر، أو خارجاً من البقع المرفوعةِ، وقالت امرأَةُ لوط، حين سَمِعَتِ الوَجْبَة: وَاقَوْمَاهُ، وٱلتفتَتْ، فأصابتها صخْرَةٌ فَقَتَلَتْهَا.