التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
-الجن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

قوله عز وجل: { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } هؤلاءِ النفرُ من الجنِّ هم الذين صَادَفُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأ ببطنِ نخلةٍ في صَلاَةِ الصِّبْحِ، وقد تَقَدَّمَ قَصَصَهم في سورةِ الأحقافِ، وقولُ الجن: { إِنَّا سَمِعْنَا... } الآيات، هو خطابٌ منهم لِقَوْمهم.

و { قُرْآناً عَجَباً }: معناه: ذَا عَجَبٍ؛ لأن العَجَبَ مصدرٌ يقعُ من سَامِعِ القرآن لبراعتِه وفصاحتِه ومُضَمَّناتِه.

وقوله: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } قَالَ الجمهورُ: معناه: عَظَمَةُ ربنا، وروي عن أنسٍ أنه قال: كان الرجلُ إذا قَرَأ البَقَرَةَ، وآلَ عمرانَ جَدَّ في أعيننا، أي: عَظُم، وعن الحسن: { جَدُّ رَبِّنَا } غِنَاهُ وقال مجاهد: ذِكْرُهُ، وقال بعضهم: جَلاَلُه، ومَنْ فَتَح الألِفَ من قوله: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ } اخْتَلَفُوا في تأويلِ ذلك، فقال بعضُهم: هو عَطْفٌ على { أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ } فيجيءُ عَلَى هذا قولُه تعالى: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ } مما أُمِرَ أنْ يقولَ النبيَّ إنَّه أوحي إليه، ولَيْسَ هو من كلامِ الجنِّ، وفي هذا قَلَقٌ، وقال بعضهم: بل هو عطف على الضمير في { بِهِ } كأنه يقول: فآمنا به وبأنه تعالى، وهذا القول أبْيَنَ في المعنى، لكنَّ فيه من جهةِ النحو العطفَ على الضميرِ المخفوضِ دُونَ إعَادَةِ الخَافِضِ، وذلك لاَ يَحْسن * ت *: بلْ هُوَ حَسَنٌ؛ إذ قَدْ أتى في النظم والنَّثْرِ الصحيحِ، مُثْبَتاً، وقرأ عكرمة: «تعالَىٰ جَدٌّ رَبُّنَا» ـــ بِفَتْحِ الجيمِ وضَمِّ الدالِ وتَنْوِينِهِ ورفْعِ الرَّبِّ ـــ، كأنه يقول: تعَالَى عَظِيمٌ هو ربُّنا، فَـ«رَبُّنَا» بدَلٌ والجَدُّ: العَظِيمُ في اللغةِ، وقرأ أبو الدرداء: «تَعَالَىٰ ذِكْرُ رَبِّنَا» ورُوي عنه: «تعالَىٰ جَلاَلُ رَبِّنَا».