التفاسير

< >
عرض

وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً
١٦
لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً
١٧
وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً
١٨
-الجن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ... } الآية، قال ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن جبير: الضميرُ في قوله: { ٱسْتَقَـٰمُواْ } عائِدٌ عَلى القاسِطينَ، والمعنى: لوِ اسْتَقَامُوا على طريقةِ الإسْلاَمِ والحَقِّ لأَنْعَمْنَا عليهم، وهذا المعنى نحوُ قوله تعالى: { { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ } [المائدة:65] إلى قوله: { { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } [المائدة:66] والقَاسِطُ الظَّالِم، والماء الغَدَقُ هو الماءُ الكثيرُ، و{ لِّنَفْتِنَهُمْ }: معناه: لنختبرَهم، قال عمر بن الخطاب ـــ رضي اللَّه عنه ـــ: حيْثُ يكونُ الماءُ فَثَمَّ المالُ، وحَيْثُ المالُ فَثَمَّ الفِتْنَةُ، ونَزَعَ بهذه الآية، وقال الحسن وجماعة من التابعين: كانتِ الصحابَةُ ـــ رضي اللَّه عنهم ـــ سَامِعينَ مُطِيعينَ فَلَمَّا فُتِحْتْ كُنُوزُ كِسْرَى وقَيْصَرَ على الناس، ثَارَتِ الفِتَن، و«نُسْلكه» نُدْخلُه، و{ صَعَداً }: معناه: شَاقًّا، وقال ابن عباس وأبو سعيد الخدري: { صعداً } جَبَلٌ في النارِ، { وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ } قيل: أرادَ البيوتَ التي للعبادةِ والصلاةِ في كلِّ ملةٍ، وقال الحسن: أرادَ بها كلَّ موضِع يُسْجَدُ فيه؛ إذ الأَرْضُ كلها جُعِلَتْ مَسْجِداً لهذه الأمة، ورُوِيَ: أنّ هذه الآيةَ نَزَلَتْ بسبب تَغَلُّبِ قريشٍ عَلى الكعبةِ حينئذٍ، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم المواضعُ كلُّها لِلَّهِ فَاعْبُدْه حيثُ كنتَ، قال * ع *: والمسَاجِدُ المخصوصَةُ بَيِّنَةُ التَمَكُنِ في كونها لِلَّهِ تعالى، فيصلُحُ أنْ تُفْرَدَ للعبادةِ، وكلِّ مَا هُوَ خَالِصٌ لِلَّهِ تعالى، وأنْ لاَ يُتَحَدَّثَ بها في أمورِ الدنيا، ولا يُجْعَلُ فيها لِغَيرِ اللَّهِ نَصِيبٌ.