التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
١٤
وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ
١٥
لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
١٦
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
١٧
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ
١٨
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
١٩
-القيامة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } قال ابن عباس وغيره: أي: للإنسان على نفسه من نفسه بصيرةُ رقباءَ يشهدون عليه، وهم جوارحه وَحَفَظَتُه، ويحتمل أنْ يكون المعنى: بل الإنسان على نفسه شاهد؛ ودليله قوله تعالى: { { كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء:14] قال الثعلبيُّ: قال أَبَانُ بْنُ تَعْلَبٍ: البصيرةُ والبَيِّنَةُ والشاهد بمعنى واحد انتهى، ونحوه للهرويِّ؛ قال * ع *: والمعنى على هذا التأويل الثاني: أَنَّ في الإنسان وفي عقله وفطرته حُجَّةً وشاهداً مُبْصِراً على نفسه.

{ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } أي: ولو اعتذر عن قبيح أفعاله، فهو يعلمها، قال الجمهور: والمعاذير هنا جمع مَعْذِرَةٌ، وقال الضَّحَّاكُ والسُّدِّيُّ: هي الستور بلغة اليمن؛ يقولون للستر: المعذار.

وقوله تعالى: { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ } الآية، قال كثير من المفسرين، وهو في «صحيح البخاريِّ» عن ابن عباس قال: "كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ؛ مُخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ مَا يُوحَى إلَيْهِ" ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَأَعْلَمَهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجْمَعُهُ لَهُ في صَدْرِهِ.

وقوله: { وَقُرْءَانَهُ } يحتمل أنْ يريد وقراءته، أي: تقرأه أنت يا محمد.

وقوله: { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ } أي: قرأه المَلَكُ الرسول عَنَّا { فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ }، قال البخاريُّ: قال ابن عباس: { فَٱتَّبِعْ }، أي: اعمل به، وقال البخاريُّ أيضاً قوله: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ } أي: تأليف بعضه إلى بعض { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } أي: ما جمع فيه، فاعمل بما أمرك، وانته عَمَّا نهاك عنه انتهى.

وقوله تعالى: { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } قال قتادة وجماعة: معناه: أنْ نُبَيِّنَهُ لك، وقال البخاريُّ: أنْ نبينه على لسانك.