التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً
١
إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً
٢
إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
٣
إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً
٤
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً
٥
-الإنسان

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

[قوله تعالى: { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ... } الآية، { هَلُ } في كلام العرب قد تجيء] بمعنى { قَدْ }؛ حكاه سيبويه، لكنها لا تخلو من تقرير، وبابُها المشهورُ الاستفهام المَحْضُ، والتقرير أحياناً؛ قال ابن عباس: «هل» بمعنى «قد»، والإنسان يراد به آدم، وقال أكثر المتأولين: «هل» تقرير، الإنسان: اسم جنس، أي: إذا تَأَمَّلَ كُلُّ إنسان نفسه علم بِأَنَّه قد مَرَّ حِينٌ من الدهر عظيم لم يكن فيه شيئاً مذكوراً، وهذا هو القوي أَنَّ الإنسان اسم جنس، وأَنَّ الآية جُعِلَتْ عبرةً لكل أحد من الناس؛ لِيُعْلَمَ أَنَّ الخالق له قادر على إِعادته.

* ص *: { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } في موضع حال من { ٱلإِنسَـٰنَ } أو في موضع صفة لـ{ حِينٌ } والعائد عليه محذوف، أي: لم يكن فيه، انتهى.

وقوله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ... } الآية، الإنسان هنا: اسم جنس بلا خلافٍ، وأمشاج معناه: أخلاط؛ قيل: هو { أَمْشَاجٍ } ماءِ الرجل بماءِ المرأة، ونَقَلَ الفخرُ أَنَّ الأمشاج لفظٌ مفرد، وليس يُجْمَعُ، بدليل أَنَّه وقع صفةً للمفرد، وهو قوله: { نُّطْفَةٍ }، انتهى.

{ نَّبْتَلِيهِ } أي: نختبره بالإيجاد والكون في الدنيا، وهو حال من الضمير في { خَلَقْنَا } كأَنَّه قال: مختبرين له بذلك.

وقوله تعالى: { فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً } عَطْفُ جملة نِعَم على جملة نِعَمٍ، وقيل: المعنى: فلنبتليه جعلناه سميعاً بصيراً و{ هَدَيْنَـٰهُ }: يحتمل: أنْ يكون بمعنى أرشدناه، ويحتمل: أنْ يكون بمعنى أريناه، وليس الهدى في هذه الآية بمعنى خلق الهدى والإيمان، وعبارة الثَّعْلَبِيِّ: { هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } بَيَّنَا له وَعَرَّفْنَاهُ طريقَ الهدى والضلال، والخير والشر؛ كقوله: { وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد:10] انتهى.

وقوله تعالى: { إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } حالان، وقسمتهما { إِمَّا }، و{ ٱلأَبْرَارِ }: جمع بَارٍّ؛ قال الحسن: هم الذين لا يؤذون الذَّرَّ، ولا يرضون الشرَّ، قال قتادة: نعم قوم يمزجُ لهم بالكافور، ويُخْتَمُ لهم بالمسك، قال الفرَّاء: يقال إِنَّ في الجنة عيناً تسمى كافوراً.