التفاسير

< >
عرض

يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ
١٠
أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً
١١
قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
١٢
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ
١٤
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
١٥
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى
١٦
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
١٧
فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ
١٨
وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ
١٩
فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ
٢٠
فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ
٢١
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ
٢٢
فَحَشَرَ فَنَادَىٰ
٢٣
فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ
٢٤
فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ
٢٥
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ
٢٦
ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا
٢٧
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
٢٨
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
٢٩
-النازعات

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَـٰفِرَةِ } حكايةُ حالِهم في الدنيا، والمعنَى: هم الذينَ يقولونَ، و{ ٱلْحَـٰفِرَةِ }: قال مجاهد والخليل: هي الأرضُ، حافرة بمعنى مَحْفُورَة، والمرادُ: القبورُ والمعنى: أئنا لمردُودُون أحْيَاءً في قبورِنا؟، وقيل غير هذا، و{ نَّخِرَةً } معناه بالية، وقرأ حمزة «نَاخِرَةٌ» بألف، والنَّاخِرةُ المصوِّتَةُ بالريحِ المُجَوَّفَة، وحُكِيَ عَنْ أبي عُبَيْدَة وغيره: أن الناخرةَ والنَّخِرَةَ بمعنًى واحد، وقولهم: { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَـٰسِرَةٌ } أي: إذ هي إلى النارِ لتكذيبِهم بالبعثِ، وقال الحسن: { خَـٰسِرَةٌ } معناه عندَهم كاذبة، أي: ليست بكائِنةٍ، ثم أخبر تعالى عن حالِ القيامةِ فقال: «إنما هي زجرة واحدة» أي: نفخةٌ في الصور، { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } وهي أرضُ المحشر.

وقوله: { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } اسْتِدْعَاءٌ حسنٌ، والتزكِّي: التَّطهرُ من النَقَائِص، والتلبُّسِ بالفَضَائِل، ثم فَسَّر لَه موسى التزكِّي الذِي دَعَاه إليه بقوله: { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } والعلمُ تابعٌ للهدى، والخَشْيَةُ تابعةٌ للعِلْمِ، { { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } [فاطر:28] { ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } العَصَا واليدُ؛ قاله مجاهد وغَيره: و{ أَدْبَرَ }: كِنَايَةً عن إعْرَاضِه، وقيل: حقيقةً قَامَ مُوَلِّيًا عن مُجَالَسَةِ موسى، { فَحَشَرَ } أي: جمع أهل مملكتِه، وقولُ فرعونَ: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } نهايةٌ في السِّخَافَةِ والمَخْرَقَةِ، قال ابن زيد: { نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ } أي: الدار الآخرة، و{ ٱلأُولَىٰ }: يعني: الدنيا، أخَذَه اللَّهُ بعذابِ جهنَّمَ وبالغَرَقِ، وقيل غيرُ هذا، ثم وقفهم سبحانه مخاطبةً مِنْه تعالى للعَالَم؛ والمقصدُ الكفارُ فقال: { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً... } الآية، والسَّمْكُ: الارْتِفَاعُ، الثعلبي: والمعنى: أأنتم أيها المنكرونَ للبعثِ أشَدُّ خلقاً أم السَّماءُ أشد خلقاً، ثم بيَّن كَيْفَ خَلَقَها، أي: فالذي قَدِرَ على خَلْقِها قادرٌ على إحيائِكم بعدَ الموتِ، نظيره: { { أَوَ لَيْسَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } [يس:81] انتهى، و{ أَغْطَشَ } معناه: أظْلَمَ.