التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ
١٥
ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ
١٦
وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ
١٧
وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ
١٨
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
١٩
ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ
٢٠
مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ
٢١
وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ
٢٢
وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ
٢٣
-التكوير

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } لا إمَّا زائدةٌ وإما أنْ تكونَ رَدّاً لِقَوْلِ قريشٍ في تكذيبِهم نبوةَ نبينا محمدٍ ـــ عليه السلام ـــ، ثُمَّ أَقْسَمَ تعالى بالخُنَّسِ الجوارِ الكنَّسِ، وهي في قولِ الجمهور: الدَّرَارِي السَّبْعَةُ: الشَّمْسُ والقَمَرُ وزُحَلُ وعُطَارِدُ والمرِّيخُ والزُّهْرَةُ والمُشترِي، وقال عليّ: المرادُ الخمسةُ دونَ الشمسِ والقمر؛ وذلك أنّ هذه الكواكبَ تَخْنِسُ في جَرْيها أي: تَتَقَهْقَرُ فيما تَرى العينُ، وهي جَوارٍ في السماءِ، وهي تَكْنِسُ في أَبراجها أي: تَسْتَتر، الثعلبي: وقال ابن زيدِ تَخْنِسُ؛ أي: تَتَأَخَّرُ عَنْ مَطَالِعِها كلَّ سَنَة، وتَكْنِسُ بالنَّهار، أي: تستترُ فلاَ تُرَى، انتهى، وعَسْعَسَ الليلُ في اللغةِ إذا كَان غَيْرَ مُسْتَحْكَمِ الإظْلاَمِ، قال الخليل: عَسْعَسَ الليلُ: إذا أَقْبَلَ وأَدْبَرَ، وقال الحَسَنُ: وقَعَ القَسَمُ بإقبالهِ، وقال ابن عباسٍ وغيره: بلْ وَقَعَ بإدبارهِ، وقال المبرد: أقسَمَ بإقباله وإدباره معاً، وعبارةُ الثعلبي: قالَ الحسنُ عَسْعَسَ الليلُ: أقْبَلَ بظلامِه، وقال آخرون: أدْبَرَ بظلامِه، ثم قال: والمعنيانِ يَرْجِعَانِ إلى معنًى واحدٍ، وهو ابتداءُ الظلامِ في أوله وإدباره في آخرهِ، انتهى،، وتنفَّسَ الصبحُ، اتَّسَعَ ضوءهُ، والضميرُ في «إنه» للقرآن، والرسولُ الكريمُ في قولِ الجمهور؛ هو جبريلُ ـــ عليه السلام ـــ وقال آخرون: هو النبي صلى الله عليه وسلم في الآيةِ كلِّها، والقولُ الأول أصحُّ، و{ كَرِيمٍ } صفةٌ تَقْتَضِي رَفْعَ المذَامِّ، و{ مَكِينٍ } معناه: له مكَانَة ورِفْعَة، وقال عياض في «الشفا» في قوله تعالى: { مُّطَـٰعٍ ثَمَّ أَمِينٍ }: أكثرُ المفسرينَ عَلى أنَّهُ نبيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم، انتهى، قال * ع *: وأجمعَ المفسرونَ على أن قولَه تعالى: { وَمَا صَـٰحِبُكُمْ } يرادُ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، والضمير في رآه لجبريلَ ـــ عليه السلامُ ـــ وهذه الرؤيةُ التي كانَتْ بعْدَ أمْرِ غارِ حِراءٍ، وقيل: هي الرؤية التي رآه عند سِدْرَةِ المنتهى.