التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ
٩
فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ
١٠
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ
١١
وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ
١٢
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
١٣
وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ
١٤
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً
١٥
وَأَكِيدُ كَيْداً
١٦
فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
١٧
-الطارق

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } قال ابن عباس وقتادة: المعنى أن اللَّهَ عَلى ردِّ الإنسانِ حيًّا بعد موتهِ لقادرٌ، وهذا أظهر الأقوال هنا وأبينُها، و{ دَافِقٍ } قال كثير من المفسرين: هو بمعنى مَدْفُوقٍ، والعاملُ في { يَوْمٍ } الرَّجْع من قولهِ: { عَلَىٰ رَجْعِهِ }.

و{ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } معناه تُخْتَبَرُ وتكشَفُ بواطنُها، ورَوَى أبو الدرداءِ عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن السرائرَ التي يَبْتَلِيهَا اللَّه من العباد: التوحيدُ، والصلاةُ، والزكاةُ، والغُسْلُ من الجنَابةِ، قال * ع *: وهذهِ معظَمُ الأمرِ، وقال قتادة: الوجهُ في الآيةِ العمومُ في جميعِ السرائرِ، ونَقَلَ ابنُ العربي في «أحكامِه» عن ابن مسعود: أنَّ هذه المذكوراتِ [مِنَ] الصلاةِ والزكاةِ والوضوءِ والوديعةِ كلَّها أمَانَةٌ، قال: وأَشَدُّ ذلكَ الوديعةُ تَمْثُلُ له، أي: لمن خَانَها على هيئَتِها يوم أخَذَها فَتُرْمَى في قَعْر جهنمَ، فيقالُ له: أخْرِجْها، فيتبعُها فيجعلُها في عنقهِ فإذا أراد أن يخرجَ بهَا زَلَّتْ منه فيتبعُها؛ فهو كذلكَ دَهْرَ الداهرينَ، انتهى، * ت *: قال أبو عبيد الهروي: قوله تعالى: { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } الواحدةُ سَرِيرَةٌ وهي الأعمالُ التي أسرَّهَا العبادُ، انتهى، و{ ٱلرَّجْعِ } المطرُ وماؤُه، وقال ابن عباس: الرجعُ: السحابُ فيه المطرُ، قال الحسنُ: لأنه يَرْجِعُ بالرزقِ كلَّ عامٍ، وقال غيرُه: لأنه يرجع إلى الأرض، و{ ٱلصَّدْعِ } النباتُ؛ لأن الأرضَ تَتَصَدَّعُ عنْه، والضمير في { إِنَّهُ } للقرآن، و{ فَصْلٌ } معناه: جَزْمٌ فَصَلَ الحقائِقَ مِنَ الأباطيلِ، و{ الهَزْل } اللعِبُ الباطلُ، ثم أخبر تعالى عن قريش أنهم يَكِيدُونَ في أفعالِهم وأقوالِهم بالنبي ـــ عليه السلام ـــ، و{ وَأَكِيدُ كَيْداً } وهذا على مَا مَرَّ من تسميةِ العُقُوبة باسْمِ الذنبِ، و{ رُوَيْداً } معناه: قليلاً؛ قاله قتادة، وهذهِ حالُ هذهِ اللفظةِ؛ إنما تقدمَها شيءٌ تَصِفُه كقولك: سيراً رويداً، أو تقدمَها فعل يَعْملُ فيها كهذهِ، وأما إذا ابتدأتَ بها فقُلْتَ: رويداً يا فلان؛ فهي بمعنى الأمر بالتَمَاهُلِ، * ص *: { رُوَيْداً } قال أبو البقاء: نَعْتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: إمْهَالاً رُوَيْداً، و«رويداً» تَصْغِيرُ «رَوْدٍ» وأنشَد أبو عُبَيْدَةَ: [البسيط]

يَمْشِي ولاَ تَكْلِمُ البَطْحَاءَ مِشْيَتُهُكَأَنَّهُ ثَمِلٌ يَمْشِي عَلَىٰ رَوْدِ

أي: على مَهْلٍ ورِفْقٍ، انتهى.