{سَبِّحِ} في هذه الآية بمعنى: نَزِّه وقَدِّسْ وَقُلْ: جَلَّ سبحانَه عن النقائِص والغَيْرِ جميعاً، ورَوَى ابنُ عباس
"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية، قالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَىٰ" ، وكان ابن مسعودِ وابنُ عمرَ وابنُ الزبيرِ يفعلون ذلك، ولما نَزَلَتْ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُم" ، وعن سلمةَ بنِ الأكوع قال: "مَا سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ دُعَاءً إلاَّ ٱسْتَفْتَحَهُ بـسُبْحَان رَبِّيَ الأَعْلَىٰ الوهَّاب" رواه الحاكم في «المستدركِ»، وقال: صحيحُ الإسنادِ، انتهى من «سلاح المؤمن». و«سُوًى» معناه: عَدَّلَ وأتْقَنَ.
وقوله: {فَهَدَىٰ} عامٌّ لوجوهِ الهداياتِ في الإنسانِ والحيوانِ، وقال الفراء: معناه هَدَى وأضَلَّ؛ والعمومُ في الآيةِ أصوبُ، و{ٱلْمَرْعَىٰ}: النباتُ، و«الغُثَاء»: مَا يَبِسَ وجَفَّ وتَحَطَّمَ من النباتِ؛ وهو الذي يحمله السيلُ، و«الأَحْوَى» قيلَ هو الأَخْضَرُ الذي عليه سَوَادٌ من شدَّةِ الخُضْرَةِ والغَضَارة، فتقديرُ الآيةِ: الذي أخْرَجَ المَرْعى أحوَى أي أسْوَدَ من خضرتهِ وغَضَارَتِه فجعَله غُثَاءً عِنْدَ يُبْسِه فـ{أَحْوَىٰ}: حالٌ، وقال ابن عباسٍ: المعنى: فجعله غُثَاءً أحْوَى أي أسْوَدَ؛ لأن الغُثَاءَ إذا قَدِمَ وأصَابَتْهُ الأمْطَارُ اسْوَدَّ وتَعَفَّنَ فَصَارَ أحوى، فهذَا صفةٌ.