التفاسير

< >
عرض

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٠٣
أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١٠٤
-التوبة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً.... } الآية: رُوي أن الجماعة التائبة لَمَّا تِيبَ عليهَا، قالوا: يا رسُولَ اللَّه؛ إِنَّا نُرِيدُ أن نتصدَّق بأموالنا زيادةً في تَوْبَتِنا، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لاَ أَعْرِضُ لأَمْوَالِكُمْ إِلاَّ بَأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ»، فَتَرَكَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ هذه الآية، فَهُمُ المرادُ بها، فَرُوِيَ أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ثلث أموالِهِمْ، مراعاةً لقوله تعالى: { مِنْ أَمْوٰلِهِمْ }، فهذا هو الذي تظاهَرَتْ به أقوال المتأوِّلين، وقالتْ جماعة من الفقهاء: المرادُ بهذهِ الآية الزكَاةُ المفروضَةُ، وقوله تعالى: { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }: أحسن ما يحتمل أنْ تكون هذه الأفعالُ مسندة إلى ضمير النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقوله سبحانه: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ }: معناه: ٱدْعُ لهم، فإِن في دعائك لهم سكوناً لأنفسهم وطمأنينة ووقاراً، فهي عبارةٌ عن صلاح المعتَقَد، والضميرُ في قولِهِ: { أَلَمْ يَعْلَمُواْ } قال ابنُ زَيْدٍ: يُرادُ به الذين لم يتوبوا من المتخلِّفين، ويحتملُ أنْ يُرَادِ به الذين تابوا، وقوله: { وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ } قال الزَّجَّاج: معناه: ويقبل الصدقات، وقد جاءَتْ أحاديثُ صحاحٌ في معنى الآية؛ منها حديثُ أبي هريرة: "إِنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ اللُّقْمَةِ يَأْخُذُهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا لأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلْوَهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ" ، ونحو هذا من الأحاديث التي هي عبارةٌ عن القبول والتحفِّي بصدقة العبد.

وقوله: { عَنْ عِبَادِهِ }: هي بمعنى «مِنْ».