وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً....} الآية: رُوي أن الجماعة التائبة لَمَّا تِيبَ عليهَا، قالوا: يا رسُولَ اللَّه؛ إِنَّا نُرِيدُ أن نتصدَّق بأموالنا زيادةً في تَوْبَتِنا، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لاَ أَعْرِضُ لأَمْوَالِكُمْ إِلاَّ بَأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ»، فَتَرَكَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ هذه الآية، فَهُمُ المرادُ بها، فَرُوِيَ أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ثلث أموالِهِمْ، مراعاةً لقوله تعالى: {مِنْ أَمْوٰلِهِمْ}، فهذا هو الذي تظاهَرَتْ به أقوال المتأوِّلين، وقالتْ جماعة من الفقهاء: المرادُ بهذهِ الآية الزكَاةُ المفروضَةُ، وقوله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}: أحسن ما يحتمل أنْ تكون هذه الأفعالُ مسندة إلى ضمير النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقوله سبحانه: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}: معناه: ٱدْعُ لهم، فإِن في دعائك لهم سكوناً لأنفسهم وطمأنينة ووقاراً، فهي عبارةٌ عن صلاح المعتَقَد، والضميرُ في قولِهِ: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ} قال ابنُ زَيْدٍ: يُرادُ به الذين لم يتوبوا من المتخلِّفين، ويحتملُ أنْ يُرَادِ به الذين تابوا، وقوله: {وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ} قال الزَّجَّاج: معناه: ويقبل الصدقات، وقد جاءَتْ أحاديثُ صحاحٌ في معنى الآية؛ منها حديثُ أبي هريرة:
"إِنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ اللُّقْمَةِ يَأْخُذُهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا لأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلْوَهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ" ، ونحو هذا من الأحاديث التي هي عبارةٌ عن القبول والتحفِّي بصدقة العبد.وقوله: {عَنْ عِبَادِهِ}: هي بمعنى «مِنْ».