التفاسير

< >
عرض

أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ
١
حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ
٢
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣
ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٤
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ
٧
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ }، "ألْهَاكُم": شغلكم؛ قال امرؤُ القيسِ: [الطويل]

5295- ………….................... فألْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْولِ

أي: شغلكم المباهاة، بكثرة المال والعدد عن طاعة الله، حتَّى متم ودفنتم في المقابر.
قال ابن عباس والحسن: "ألْهَاكُم": أنساكم، "التَّكاثرُ"، أي: من الأموال، والأولاد قاله ابن عباسٍ والحسنُ وقتادةُ أي: التَّفاخر بالقبائل والعشائر، وقال الضحاك: ألهاكم التشاغل بالمعاش والتجارة، يقال: لهيت عن كذا - بالكسر - ألهى لهياً، ولهياناً: إذا سلوت عنه، وتركت ذكره، وأضربت عنه، وألهاه: أي: شغله، ولهاه به تلهيه: أي: تملله والتكاثر: المكاثرة قال قتادةُ ومقاتل وغيرهما: نزلت في اليهود حين قالوا: نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً.
وقال ابن زيد: نزلت في فخذ من الأنصار.
وقال ابن عباسٍ: ومقاتل، والكلبي: نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف، وبني سهم، تعادوا وتكاثروا بالسادة، والأشراف في الإسلام، فقال كل حي منهم: نحن أكثر سيداً، وأعز عزيزاً، وأعظم نفراً، وأكثر عائذاً، فكثر بنو عبد مناف سهماً، ثم تكاثروا بالأموات، فكثرتهم سهم، فنزلت: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } بأحيائكم فلم ترضوا { حتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ } مفتخرين بالأموات.
وعن عمرو بن دينار: حلف أن هذه السورة نزلت في التجار.
وعن شيبان عن قتادة، قال: نزلت في أهل الكتاب.
قال القرطبي: "والآية تعمّ جميع ما ذكر وغيره".
وروى ابن شهاب عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لَوْ أنَّ لابْنِ آدَمَ وادِياً مِنْ ذَهَبٍ، لأحَبَّ أنْ يكُونَ لَهُ وادِيانِ، ولنْ يَمْلأ فَاهُ إلاَّ التُّرابُ، ويتُوبُ اللهُ على مَنْ تَابَ" ، رواه البخاري.
قال ثابت عن أنس عن أبيّ: كنا نرى هذا من القرآن، حتى نزلت: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ }. رواه البخاري.
قال ابن العربي: وهذا نصٌّ صريح، غاب عن أهل التفسير [فجهلوا وجهَّلوا، والحمد لله على المعرفة].
وقرأ ابن عباس: "أألهاكم" على استفهام التقرير والإنكار ونقل في هذا المد مع التسهيل، ونقل فيه بتحقيق الهمزتين من غير مد.
قوله تعالى: { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ }، "حتَّى" غاية لقوله: "ألْهَاكُم"، وهو عطف عليه، والمعنى: أي أتاكم الموت، فصرتم في المقابر زواراً، ترجعون فيها كرجوع الزائر إلى منزلة من جنة أو نار.
وقيل: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } حتى عددتم الأموات.
وقيل: هذا وعيد، أي: اشتغلتم بمفاخرة الدنيا حتى تزورا القبور، فتروا ما ينزل بكم من عذاب الله - عزَّ وجلَّ - و "المَقابِر" جمع مَقْبَرة، ومَقْبَرة بفتح الباء وضمها والقبور: جمع قبر، وسمي سعيد المقبري؛ لأنه كان يسكن المقابر، وقبرت الميت أقبَره وأقبُره قبراً؛ أي: دفنته، وأقبرته، أي: أمرت بأن يقبر.
فصل في معنى ألهاكم
قال المفسرون: معنى الآية: ألهاكم حرصكم على تكثير أموالكم عن طاعة ربكم حتى أتاكم الموت فأنتم على ذلك.
قال ابن الخطيب: فإن قيل: شأن الزائر أن ينصرف قريباً، والأموات ملازمون القبور، فكيف يقال: إنه زار القبر؟.
وأيضاً: فقوله - جل ذكره -: { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } إخبار عن الماضي، فكيف يحمل على المستقبل؟.
فالجواب عن الأول: أنَّ سكان القبور، لا بد أن ينصرفوا منها.
وعن الثاني: أن المراد من كان مشرفاً على الموت لكبر أو لغيره كما يقال: إنه على شفير قبره وإما أن المراد من تقدمهم، كقوله تعالى:
{ { وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ } [البقرة: 61].
وقال أبو مسلم: إن الله يتكلم بهذه السورة يوم القيامة تعييراً للكفار، وهم في ذلك الوقت تقدمت منهم زيارة القبور.
فصل في ذكر المقابر
قال القرطبي: لم يأت في التنزيل ذكر المقابر إلا في هذه السورة.
وفيه نظر؛ لأنه تعالى قال في سورة أخرى:
{ { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } [عبس: 21].
واعلم أن زيارة القبور من أعظم الأدوية للقلب القاسي، لأنها تذكر الموت، والآخرة، وذلك يحمل على قصر الأمل، والزُّهد في الدنيا، وترك الرغبة فيها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فزُوْرُوهَا، فإنَّها تُزْهِدُ في الدُّنيا، وتذكرُ الآخِرةَ" .
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوّارات القبور.
قال بعض أهل العلم: كان هذا قبل ترخيصه في زيارة القبور، فلما رخص دخل في الرخصة الرجال والنساء.
وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنِّساء، لقلّة صبرهن، وكثرة جزعهن.
وقال بعضهم: زيارة القبور للرجال متفق عليه، وأما النِّساء فمختلف فيه: أما الشوابّ فحرام عليهن الخروج، وأما لقواعد فمباح لهن ذلك، وجاز لجميعهن ذلك إذا انفردن بالخروج عن الرجال بغير خلاف لعدم خشية الفتنة.
فصل في آداب زيارة القبور
ينبغي لمن زار القُبُور أن يتأدب بآدابها، ويحضر قلبه في إتيانها، ولا يكون حظّه منها إلا التّطواف فقط، فإن هذه حالة يشاركه فيها البهائم، بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى، وإصلاح فساد قلبه، ونفع الميت بما يتلوه عنده من القرآن، والدعاء، ويتجنب المشي على القبور، والجلوس عليها، ويسلم إذا دخل المقابر، وإذا وصل إلى قبر ميته الذي يعرفه سلم عليه أيضاً، وأتاه من تلقاء وجهه؛ لأنه في زيارته كمخاطبته حياً، ثم يعتبر بمن صار تحت التراب، وانقطع عن الأهل والأحباب، ويتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه أنه كيف انقطعت آمالهم، ولم تغن عنهم أموالهم ومحا التراب محاسن وجوههم، وتفرقت في القبور أجزاؤهم، وترمَّل من بعدهم نساؤهم، وشمل ذل اليتم أولادهم، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم، وأنَّ حاله كحالهم، ومآله كمآلهم.
[قوله تعالى: { كَلاَّ } قال الفراء: أي ليس الأمر على ما أنتم عليه من التفاخر والتكاثر. والتمام على هذا { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي سوف تعلمون عاقبة هذا.
قوله تعالى: { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } جعله ابن مالك من التوكيد مع توسّط حرف العطف].
وقال الزمخشريُّ: والتكرير تأكيد للردع، والرد عليهم، و "ثُمَّ" دالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول، وأشد كما تقول للمنصوح: أقول لك ثم أقول لك: "لا تَفْعَلْ" انتهى.
ونقل عن علي - رضي الله عنه -: { كَلاَّ سَوْفَ تعلمُون } في الدنيا { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ } في الآخرة فعلى هذا يكون غير مكرر لحصول التَّغاير بينهما؛ لأجل تغاير المتعلقين، و "ثُمَّ" على بابها من المهلة وحذف متعلق العلم في الأفعال الثلاثة، لأن الغرض الفعل لا متعلقه.
وقال الزمخشريُّ: والمعنى: سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله، انتهى. فقدر له مفعولاً واحداً كأنه جعله بمعنى "عَرَفَ".
فصل في تفسير الآية
قال ابن عباس: { كَلاَّ سَوفَ تَعْلمُونَ } ما ينزل بكم من العذاب في القبور { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ } في الآخرة إذا حل بكم العذاب، فالتَّكرار للحالين.
وروى زر بن حبيش عن عليّ - رضي الله عنه - قال: كنا نشك في عذاب القبر، حتى نزلت هذه السورة فأشار إلى أن قوله: { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } يعني في القبور.
[وقيل: كلا سوف تعلمون إذا نزل بكم الموت، وجاءتكم رسل ربكم تنزع أرواحكم، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذبون، وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث، وحشر، وعرض، وسؤال، إلى غير ذلك من أهوال يوم القيامة].
وقال الضحاكُ: { كَلاَّ سَوفَ تَعْلَمُونَ } أيها المؤمنون, وكذلك كان يقرؤها, الأولى بالتاء, والثانية بالياء فالأول وعيد, والثاني وعد.
قوله: { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ } جواب "لَوْ" محذوف، أي: لفعلتم ما لا يوصف.
وقيل: التقدير: لرجعتم عن كفركم.
قال ابن الخطيب: وجواب "لَوْ" محذوف، وليس "لترونَّ" جوابها، لأن هذا مثبت، وجواب "لو" يكون منفياً، ولأنه عطف عليه قوله: "ثُمَّ لتُسْألُنَّ" وهو مستقبل، لا بد من وقوعه، وحذف جواب "لَوْ" كثير.
قال الأخفش: التقدير: لو تعلمُون علم اليقين ما ألهاكم.
وقيل: لو تعلمون لماذا خلقتم لاشتغلتم وحذفُ الجواب أفخر، لأنه يذهب الوهم معه كل مذهب، قال تعالى:
{ { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ } [الأنبياء: 39]، وقال تعالى: { { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } [الأنعام: 30] وأعاد "كلاَّ" وهو زجر وتنبيه؛ لأنه عقب كل واحد بشيء آخر، كأنه قال: لا تفعلُوا، فإنكم تندمون، لا تفعلوا، فإنكم تستوجبون العقاب.
و { عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } مصدر.
قيل: وأصله العلم اليقين، فأضيف الموصوف إلى صفته.
وقيل: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن العلم يكون يقيناً وغير يقين، فأضيف إليه إضافة العام للخاص، وهذا يدل على أنَّ اليقينَ أخصُّ.
فصل في المراد باليقين
قال المفسِّرون: أضاف العلم إلى اليقين، كقوله تعالى:
{ { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } [الواقعة: 95]، قال قتادة: اليقين هنا: الموت.
وعنه أيضاً: البعث، لأنه إذا جاء زال الشكُّ، أي: لو تعلمون علم البعث أو الموت، فعبر عن الموت باليقين، كقولك: علم الطب، وعلم الحساب، والعلم من أشد البواعث على الفعل، فإذا كان بحيث يمكن العمل، كان تذكرة، وموعظة، وإن كان بعد فوات العمل كان حسرة، وندامة، وفيها تهديد عظيم للعلماء، الذين لا يعملون بعلمهم.
قوله: { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ }. جواب قسم مقدر، أي: لترون الجحيم في الآخرة.
والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار.
وقيل: عام [كقوله تعالى:
{ { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم: 71] فهي للكفار دار، وللمؤمنين مَمَرّ].
وقرأ ابن عامر، والكسائي: "لتُروُنَّ" مبنياً للمفعول، وهي مفعولة من "رأى" الثلاثي أي: أريته الشيء، فاكتسب مفعولاً آخر، فقام الأول مقام الفاعل، وبقي الثاني منصوباً.
والباقون مبنياً للفاعل، جعلوه غير منقول، فتعدى لواحد فقط، فإن الرؤية بصرية.
وأمير المؤمنين، وعاصم، وابن كثير في رواية عنهم: بالفتح في الأول، والضم في الثاني، يعني: لترونها.
ومجاهد، وابن أبي عبلة، وأشهب: بضمها فيهما.
والعامة على أن الواوين لا يهمزان؛ لأن حركتهما عارضة.
وقد نصّ مكي، وأبو البقاء على عدم جوازه، وعللا بعروض الحركة.
وقرأ الحسن وأبو عمرو بخلاف عنهما: بهمز الواوين استثقالاً لضمة الواو.
قال الزمخشري: "هِيَ مُسْتكرَهة"، يعني لعروض الحركة عليها، إلا أنهم قد همزوا ما هو أولى لعدم الهمز من هذه الواو، نحو:
{ { ٱشْتَرُواْ ٱلضَّلاَلَةَ } [البقرة: 16] همزوا واو "اشترؤا" مع أنها حركة عارضة، وتزول في الوقف، وحركة هذه الواو، وإن كانت عارضة، إلا أنَّها غير زائلة في الوقف، فهو أولى بهمزها.
قوله: { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } هذا مصدر مؤكد، كأنه قيل: رؤية اليقين نفياً لتوهم المجاز في الرؤية الأولى.
وقال أبو البقاء: لأن "رأى"، و "عاين" بمعنى.
فصل في معنى الآية
معنى الكلام: "لتَرَوُنَّ الجَحِيمَ" بأبصاركم على البعد "ثُمَّ لتَروُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ" أي: مشاهدة.
وقيل: { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلمَ اليَقِينَ }، معناه: "لَوْ تَعْلَمُونَ" اليوم في الدنيا "عِلمَ اليَقِينِ" بما أمامكم مما وصفت "لَتَروُنَّ الجَحِيم" بعيون قلوبكم، فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك، وهو أن يصور لك نار القيامة { ثُمَّ لتَرونَّها عَيْنَ اليَقِينِ }، أي: عند المعاينة بعين الرأس، فتراها يقيناً، لا تغيب عن عينك، { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } في موقف السؤال والعرض.
قال الحسن: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار، لأن أبا بكر - رضي الله عنه -
"لما نزلت هذه الآية، قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعيرٍ، ولحم، وبسر، وماء عذب، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي يسأل عنه؟.
قال - عليه الصلاة والسلام - إنما ذلِكَ للكُفَّارِ"
, ثم قرأ: { { وَهَلْ نُجَازِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } [سبأ: 17]؛ ولأن ظاهر الآية يدل على ذلك لأن الكفار ألهاهم التكاثر بالدنيا، والتفاخر بلذاتها عن طاعة الله، والاشتغال بذكر الله تعالى، يسألهم عنها يوم القيامة، حتى يظهر لهم أن الذي ظنوه لسعادتهم كان من أعظم الأسباب لشقاوتهم.
وقيل: السؤال عام في حق المؤمن، والكافر لقوله صلى الله عليه وسلم:
"أوَّلُ ما يُسْألُ العَبْدُ يَوْمَ القِيامَةِ عن النَّعِيمِ، فيقالُ لَهُ: ألَمْ نُصْحِحْ جِسْمكَ؟ ألَمْ نَروِكَ مِنْ المَاءِ البَاردِ" .
وقيل: الزائد عما لا بد منه.
وقيل غير ذلك.
قال ابن الخطيب: والأولى على جميع النعيم، لأن الألف واللام تفيد الاستغراق، وليس صرف اللفظ إلى بعض أولى من غيرها إلى الباقي، فيسأل عنها، هل شكرها أم كفرها؟ وإذا قيل: هذا السؤال للكفار.
فقيل: السؤال في موقف الحساب.
وقيل: بعد دخول النار، يقال لهم: إنَّما حل بكم هذا العذاب لاشتغالكم في الدنيا بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة. والله أعلم.