التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ
٩٢
-البقرة

اللباب في علوم الكتاب

"بِالْبَيِّنَاتِ" يجوز فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون حالاً من "موسى" أي: جاءكم ذا بيِّنات وحُجَج، أو ومعه البينات.
وثانيهما: أن يكون مفعولاً، أي: بسبب إقامة البَيّنات، وهي قوله تعالى:
{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [الإسراء:101] وهي: العصا والسّنون واليد والدم والطّوفان والجراد والقمل والضفادع وفلق البحر.
وقيل: البينات التوراة وما فيها من الدّلالات.
واللام في "لقد" لام القسم.
{ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } توبيخ، وهو أبلغ من "الواو" في التَّقريع بها والنظر في الآيات، أي بعد النظر في الآيات والإتيان بها اتّخذتم، [وهذا يدّل على أنهم إنما فعلوا ذلك بعد مُهْلة من النظر في الآيات، وذلك أعظم لجُرْمهم]. وما بعده من الجمل قد تقدم مثله، والسبب في تكريرها أنه ـ تعالى ـ لما حكى طريقة اليَهُودِ في زمان محمد عليه الصَّلاة والسَّلام، وصفهم بالعِنَادِ والتكذيب، ومثلهم بسلفهم في [قتلهم] الأنبياء الذي يناسب التكذيب؛ بل يزيد عليه إعادة ذكر موسى ـ عليه السلام ـ وما جاء به من البيّنات، وأنهم مع وضوح ذلك أجازوا أن يتخذوا العجل إلهاً وهو مع ذلك صابر ثابت على الدعاء إلى ربه، والتمسّك بدينه، فكذلك القول في حالي معكم وإن بالغتم في التَّكذيب والإنكار.