التفاسير

< >
عرض

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
٥٤
أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
٥٥
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
٥٦
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٥٧
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ
٥٨
-النمل

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } الآية، "ولُوطاً" إمّا منصوب عطفاً على "صالحاً" أي: وأرسلنا لوطاً، وإمّا عطفاً على "الَّذِينَ آمَنُوا"، أي: وأنجينا لوطاً، وإمّا "باذْكُر" مضمرة، و "إذْ قَالَ": بدل اشتمال من "لُوطاً"، وتقدّم نظيره في مريم وغيرها.
"أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ" استفهام على وجه الإنكار، والتوبيخ بمثل هذا اللفظ أبلغ، و "الفَاحِشَةِ": الفعلة القبيحة.
قوله: "وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" جملة حالية من فاعل "تَأْتُونَ" أو من "الفَاحِشَةَ"، والعائد محذوف، أي: وأنتم تبصرونها لستم عُمياً عنها جاهلين بها، وهو أشْنَعُ. وقيل: المعنى يرى بعضكم بعضاً، وكانوا لا يستترون، عتوّاً منهم. فإن قيل: إذا فسرت "تُبْصِرُونَ" بالعلم، وبعده: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } فكيف يكون علماً جهلاً؟ فالجواب:
تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك، أو تجهلون العاقبة، أو أراد بالجهل: السفاهة والمجانة التي كانوا عليها.
قوله: "شَهْوَةً": مفعول من أجله، أو في موضع الحال، وقد تقدّم.
قوله: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ: خبر مقدم، و { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } في موضع الاسم. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق برفعه اسماً، و { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } خبر وهو ضعيف، لما تقدّم تقريره. وتقدّم قراءتا "قَدَّرْنَا" تشديداً وتخفيفاً، والمخصوص بالذم محذوف في قوله: { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } أي: مَطَرُهُمْ.
فصل
لما بيَّن تعالى جهلهم، بيّن أنهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جواباً، فقال: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }، أي: يتطهرون من هذا الصنيع الفاحش. وقيل: قالوا ذلك على وجه الهزء.
{ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا } قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا "مِنَ الغَابِرِينَ"، أي: الباقين في العذاب، و { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً }، وهو الحجارة { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ }.