التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٦٥
رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ
٦٦
قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ
٦٧
أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ
٦٨

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ } لما شرح الله نعيمَ أهلِ الثَّوَابِ وعقابَ أهلِ العقاب عاد إلى تقرير التوحيد والنبوة والبعث المذكورين أول السورة فقال: قُلْ يا محمد إنما أَنا مُنْذِرٌ مخوف ولا بد من الإقرار بأنه ما من إله إلا الله الواحد القهار فكونه واحداً يدل على عدم التشريك وكونه قهاراً مشعر بالترهيب والتخويف ولما ذكر ذلك أردفه بما يدل على الرجاء والترغيب فقال: { رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } فكونه ربًّا يشعر بالتربية والإحسان والكرم والجود وكونه غفاراً يشعر بأن العبد لو أقدر على المعاصي والذنوب فإنه يغفر برحمته. وهذا الموصوف هو الذي (يجب عبادته لأنه هو الذي يخشى عقابه ويُرْجَى ثوابه ويجوز أن يكون) "رب السموات" خبر مبتدأ مضمر، وفيه معنى المدح.
قوله: "هُوَ نَبَأٌ" (هو) يعود على القرآن وما فيه من القصص والأخبار، وقيل: على تخاصم أهل النار وقيل: على ما تقدم من إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنه نذير مبين وبأن الله إله واحدٌ متصف بتِلْكَ الصفات الحُسْنَى و { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } صفة "لنبأ"، أو مستأنفة، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: المراد بالنبأ العظيم القرآن، وقيل: القيامة لقوله:
{ { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } [النبأ: 1و 2].
قال ابن الخطيب: هذا النبأ العظيم يحتمل وجوهاً: فيمكن أن يكون المراد به القول بأن "الإله" واحد، وأن يكون المراد القول بإثبات الحشر والقيامة نبأ عظيم ويمكن أن يكون المراد (كون) القرآن معجزاً لتقدم ذكره في قوله:
{ { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ } [ص:29]، وهؤلاء الأقوام أعراضوا عنه. قوله: { { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } [ص:69] يعني الملائكة فقوله:
"بالمَلإ الأَعْلَى" متعلق بقوله: "مِنْ عِلْمٍ" وضمن معنى الإحاطة فلذلك تعدي بالباء. و (قد) تقدم تحقيقه.