التفاسير

< >
عرض

وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٦٢
-المائدة

اللباب في علوم الكتاب

قوله: "وترى": يجوز أن تكون بصريَّةً، فيكون "يُسَارِعُونَ" حالاً، وأن تكون العلميَّةَ أو الظنيَّة، فينتصب "يُسَارِعُونَ" مفعولاً ثانياً، و"مِنْهُمْ" في محلِّ نصب؛ على أنه صفةٌ لـ "كَثِيراً" فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، أي: كائناً منهم، أو استقرَّ منهم، وقرأ أبو حيوة: "العِدْوان" بالكسر، و"أكْلِهِمُ" هذا مصدرٌ مضافٌ لفاعله، و"السُّحْتَ" مفعولُه، وقد تقدَّمَ ما فيه.
فصل
الضَّميرُ في "مِنْهُمْ" لليهُود، والمُسَارعة في الشَّيْءِ الشُّرُوعُ فيه، والمُراد بالإثْمِ الكذِب، وقيل: المَعَاصِي، والعُدْوَان الظُّلْم، وقيل: الإثْمُ ما يخْتَصُّ بهم، والعُدْوانُ ما يتعدَّاهُمْ إلى غيرهم، وقيل: الإثْمُ ما كتمُوا من التَّوْراة، والعُدْوان ما زَادُوا فيها، "وأكْلِهِمُ السُّحْتَ" الرِّشْوَة.
وقوله تعالى: "كَثِيراً مِنْهُم" لأنَّهمُ كُلُّهُمْ ما كانُوا يَفْعَلُون ذَلِكَ، لَفْظ المُسارعة إنما [يُسْتَعْمَلُ] في أكْثَرِ الأمْر في الخَيْرِ، قال تعالى:
{ { وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } [آل عمران: 114] وقال تعالى: { { نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } [المؤمنون: 56] فكان اللاَّئِقُ بهذا الموضِعِ لفظ العَجَلَةِ.
فإن قيل: إنَّه تعالى ذكر المُسارعة [لفائدة؛ وهي أنَّهم] كانوا يُقْدِمُون على هَذِهِ المُنْكَرَات [كأنهم مُحِقُّون] فيها وقد تقدَّم حُكْمُ "مَا" مع بِئْسَ ونِعْمَ.