التفاسير

< >
عرض

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ
٤٣
فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٤٤
فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ
٤٥
-الذاريات

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { وَفِي ثَمُودَ } الكلام فيه كما تقدم في قوله: "وفي موسى"، وقوله: { إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ }. قال بعض المفسرين: المراد منه هو ما أَمْهَلَهُم الله بعد عقرهم الناقة وهو ثلاثة أيام (كما) في قوله تعالى: { { فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } [هود: 65] وكان في تلك الأيام تغيير ألوانهم فتصفرُّ وتحمرُّ وتسودُّ. قال ابن الخطيب: وهذا ضعيف؛ لأن قوله تعالى: { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } بحرف الفاء دليل على أن العُتُوَّ كان بعد قوله: "تمتعوا"، فإذن الظاهر أن المراد هو ما قدر الله للناس من الآجال فما من أحد إِلا وهو مُمْهَلٌ مدَّة الأجل.
قوله: { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } "عَتَا" يتعدى تارة "بعَلَى"، كقوله تعالى:
{ { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } [مريم: 69]، وههنا استعمل بعَنْ؛ لأن فيه معنى الاستكبار كقوله: { { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } [الأنبياء: 19] وحيث استعمل بعلى، فهو كقولك: فُلاَنٌ يتكبَّر عَلَيْنَا.
قوله: { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } وهذه قراءة العامة. وقرأ الكسائي الصّعْقَةُ. والحسن الصَّاقِعَة. وتقدم ذكره في البقرة. وقوله: "وَهُمْ يَنظُرُونَ" جملة حالية من المفعول. و "يَنظُرُونَ" قيل: من النَّظَرِ. وقيل: من الانتظار أي ينتظرون ما وُعدوهُ من العذاب.
قوله (تعالى): { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ } أي فما قاموا بعد نزول العذاب ولا قدروا على دفعه.
قال قتادة: لم ينهضوا من تلك الصرعة.
وقوله: "من قيام" بدل قوله: منْ هَرَب؛ لأن العاجز عن القيام أحرى أن يعجز عن الهَرَب. ويحتمل أن يكون المراد منه من القيام بالأمر أي ما استطاعوا من قيامٍ به. { وما كانوا منتصرين } أي منتقمين منا. قال قتادة: كان عندهم قوة من الله.