التفاسير

< >
عرض

وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٤
-الأنعام

اللباب في علوم الكتاب

"من آية" فاعل زيدت فيه "مِنْ" لوُجُودِ الشرطين، فلا تَعَلُّقَ لها.
و"من آيات" صفة لـ "آية"، فهي في مَحَلِّ جرٍ على اللَّفْظِ، أو رفعٍ على الموضع.
وقال الوَاحِدِيِّ: "مِنْ" في قوله:"مِنْ آية" صفةٌ لـ "آية" أي: آية لاستغراق الجنْسِ الذي يقع في النَّفْيِِ، كقولك: ما أتاني من أحدٍ".
والثانية: في قوله: "من آياتِ رَبِّهِم" للتبعيض.
والمعنى: وما يظهر لهم دَلِيلٌ قط من الدَّلائِل التي يجب فيها النَّظَرُ والاعتبار، إلاَّ كانوا عنها مُعْرِضينَ، والمُرادُ بهم أهل "مكة"، والمرادُ بالآيات: إنْشِقاقُ القمر وغيره.
وقال عطاء: يريد: من آيات القرآن.
قوله: "إلاَّ كَانُوا" هذه الجملة الكَوْنِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحال، وفي صاحبها وجهان:
أحدهما أنَّهُ الضميرُ في "تأتيهم".
والثاني: أنَّهُ "مِنْ آيةٍ" وذلك لتخصيصها بالوَصْفِ.
و"تأتيهم" يحتمل أن يكون ماضي المعنى لقوله: "كَانُوا"، ويحتمل أنْ يكون مُسْتَقْبَلَ المعنى؛ لقوله "تَأتيهِمْ".
واعلم أنَّ الفعْلَ الماضي لا يَقَعُ بَعْدَ "إلاَّ" بأحد شَرْطَيْنِ: إمَّا وقوعه بَعْدَ فِعْلٍ كهذه الآية، أو يقترن بـ "قد" نحو: "ما زيدٌ إلاَّ قد قام" وهنا الْتِفَاتٌ من خطابه بقوله "خلقكم" إلى آخره إلى الغيبةِ بقوله: "وَمَا تَأتِيهم".