التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
-الجمعة

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ }. أي: من دون محمَّد وأصحابه. لما ادعت اليهود الفضيلة، وقالوا: { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18]، قال الله تعالى: { إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ } فللأولياء عند الله الكرامة { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } لتصيروا إلى ما يصير إليه أولياء الله.
قوله: { أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ }.
سادّ مسد المفعولين أو المفعول على الخلاف، و"لله" متعلق بـ"أولياء" أو بمحذوف نعتاً لـ"أولياء"، و{ من دون الناس } كذلك.
قوله: { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ }. جواب الشَّرط.
والعامة: بضم الواو وهو في الأصل واو الضمير.
وابن السميفع وابن يعمر وابن إسحاق: بكسرها، وهو أصل التقاء السَّاكنين.
وابن السميفع أيضاً: بفتحها وهذا طلب للتخفيف.
وتقدم نحوه في:
{ ٱشْتَرُواْ ٱلضَّلاَلَةَ } [البقرة: 16].
وحكى الكسائي إبدال الواو همزة.
قوله: { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ }، وقال في البقرة:
{ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ } [البقرة: 95].
قال الزمخشري: لا فرق بين "لا" و"لن" في أنَّ كل واحد منهما نفي للمستقبل إلا أن في "لن" تأكيداً وتشديداً ليس في "لا" فأتي مرة بلفظ التأكيد "ولن يتمنوه" ومرة بغير لفظه "ولا يتمنونه".
قال أبو حيان: "وهذا رجوع عن مذهبه وهو أن "لن" تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة وهو أنها لا تقتضيه".
قال شهاب الدين: وليس فيه رجوع، غاية ما فيه أنه سكت عنه، وتشريكه بين "لا" و"لن" في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص "لن" بمعنى آخر.
وتقدم الكلام على هذا مشبعاً في "البقرة".
فصل
المعنى: "ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم" أي: أسلفوه من تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فلو تمنوه لماتوا، فكان ذلك بطلان قولهم وما ادعوه من الولاية.
"قال عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية: والذي نفسي بيده لو تمنوا الموت ما بقي على ظهرها يهودي إلا مات" .
وفي هذا إخبار عن الغيب ومعجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد مضى الكلام على هذه الآية في "البقرة" عند قوله: { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } [البقرة: 94].