التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ
٨٧
-الأعراف

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ } أي: اختلفتم في رسالتي فصرتم فرقتين مؤمنين ومكذبين، و "طائفة" الثانية عطف على "طائفة" الأولى فهي اسم كان و "لم يؤمنوا" معطوف على "آمنوا" الذي هو خبر كان، عَطَفَتْ اسماً على اسم، وخبراً على خبر، ومثله لو قلت: "كان عبد الله ذاهباً وبكر خارجاً"، عطفْتَ المرفوع على مثله، وكذلك المنصوب، وقد حذف وصف طائفة الثانية لدلالة وصف الأولى عليه، إذ التقدير: "طائفة منكم لم يؤمنوا"، وحذف أيضاً متعلق الإيمان في الثانية، لدلالة الأولى عليه، إذ التقدير: لم يؤمنوا بالذي أُرسلت به، والوصف بقوله: منكم الظاهر أو المقدّر هو الذي سَوّغ وقوع "طائفة" اسماً لـ "كان" من حيث أن الاسم في هذا الباب كالمتبدأ، والمبتدأ لا يكون نكرة إلا بمسوّغٍ تقدم التنبيه عليه.
قوله "فَاصْبِرُوا" يجوز أن يكون الضمير للمؤمنين من قومه، وأن يكون للكافرين منهم، وأن يكون للفريقين، وهذا هو الظاهر أَمَرَ المؤمنين بالصبر ليحصُل لهم الظفر والغلبة، والكافرون مأمورون به ليَنْصُرَ الله عليهم المؤمنين لقوله:
{ قُلْ تَرَبَّصُواْ } [الطور: 31]، أو على سبيل التنازل معهم أي: اصبروا فستعلمونَ مَنْ ينتصر ومن يَغْلب مع علمه بأن الغلبة له و "حتى" بمعنى "إلى" فقط.
وقوله "بيننا" غَلَّب ضمير المتكلم على المخاطب، إذ المرادُ بيننا جميعاً من مؤمن وكافر، ولا حاجة إلى ادِّعاء حذف معطوف تقديره: بيننا وبينكم. ثم قال: { وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ } أي: أنه حاكم منزه عن الجور والميل والحيف.