التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ
٢٦
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ
٢٧
وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ
٢٨
وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ
٢٩
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
٣٠
فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
-القيامة

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } "كَلاَّ" ردْعَ وزَجْر، أي بعيد أن يؤمن الكافر بيوم القيامة، ثم استأنف فقال: { إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } أي: بلغت النفس والروح التراقي فأخبر بما لم يجر له ذكر لعلم المخاطب به كقوله تعالى: { حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } [ص: 32] وقوله: { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } [الواقعة: 83].
وقيل: "كَلاّ" معناه "حقّاً" إن المساق إلى الله تعالى إذا بلغت التراقي، أي إذا ارتفعت النفس إلى التراقي.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إذا بلغت نفس الكافر التراقي. و"التراقي": مفعول "بلغت" والفاعل مضمر، أي: النفس وإن لم يجرِ لها ذكر، كقول حاتم: [الطويل]

5004 - أمَاوِيَّ ما يُغنِي الثَّراءُ عن الفَتَى إذَا حَشْرجتْ يَوْماً وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ

أي: حشرجت النفس.
وقيل: في البيت: إن الدال على النفس ذكر جملة ما اشتمل عليها وهو الفتى فكذلك هنا ذكر الإنسان دال على النفس، والعامل في "إذَا بَلغت" معنى قوله تعالى: { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } [القيامة: 30]، أي: إذ بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، ويكون قوله: { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة: 27] معطوف على "بلغت".
و "التراقي": جمع "ترقوة"، أصلها: "تراقو" قلبت واوها ياء لانكسار ما قبلها.
والترقوة: أحد عظام الصدر. قاله أبو حيان، والمعروف غير ذلك.
قال الزمخشري: ولكل إنسان ترقوتان، فعلى هذا يكون من باب: غليظ الحواجب وعريض المناكب.
وقال القرطبي: "هي العظام المكتنفة لنُقْرة النحر، وهو مقدم الدّلق من أعلى الصدر، وهو موضع الحَشْرجة".
قال دريدُ بن الصمَّةِ: [الوافر]

5005 - ورُبَّ عَظِيمةٍ دَافعْتُ عَنْهَا وقَدْ بَلغَتْ نُفوسُهُمُ التَّراقِي

وقال الراغب: "التَّرْقُوة":عظم وصل ما بين نُقرة النحر والعاتق انتهى.
وقال الزمخشري: العظام المكتنفة لنقرة النحر عن يمين وشمال. ووزنها: "فَعْلُوة" فالتاء أصل والواو زائدة، يدل عليه إدخال أهل اللغة إياها في مادة "ترق".
وقال أبو البقاء والفراء: جمع تَرْقُوَة،وهي "فَعْلُوة"، وليست بـ"تَفْعلَة"، إذ ليس في الكلام "رقو".
وقرىء: "التراقي" بسكون، وهي كقراءة زيد:
{ تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } [المائدة: 89] وقد تقدم توجيهها.
وقد يكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشفاء على الموت والمقصود تذكيرهم شدة الحال عند نزول الموت.
فصل في الرد على من طعن في الآية
قال ابن الخطيب: قال بعض الطَّاعنين: إن النفس إنما تصل إلى التراقي بعد مفارقتها للقلب ومتى فارقت النفس القلب حصل الموت لا محالة، والآية تدل على أن عند بلوغها التراقي تبقى الحياة حتى يقال فيه: من راق وحتى تلتف الساق بالساق، والجواب: أن المراد من قوله: { حتَّى إذَا بَلَغَت التَّرَاقِي }، أي: إذا حصل بالقرب من تلك الحالة.
قوله: { مَن رَاقٍ } مبتدأ وخبر، وهذه الجملة هي القائمة مقام الفاعل، وأصول البصريين تقتضي ألا يكون؛ لأن الفاعل عندهم لا يكون جملة، بل القائم مقامه ضمير المصدر وقد تقدم تحقيق هذا في البقرة.
وهذا الاستفهام يجوز أن يكون على بابه، وأن يكون استبعاداً وإنكاراً.
فالأولى مروي عن ابن عباس وعكرمة وغيرهما، قالوا: هو من الرقية.
وروى سماك عن عكرمة قال: "من راق" يرقي ويشفي.
والثاني رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس أيضاً: هل من طبيب يشفيه، وهو قول أبي قلابة وقتادة. وقال الشاعر: [البسيط]

5006 - هَلْ لِلفَتَى مِنْ بنَاتِ الدَّهْرِ من وَاقِ؟ أمْ هَلْ لَهُ مِن حَمامِ المَوتِ مِنْ رَاقِ؟

وكان هذا على وجه الاستبعاد واليأس، أي من يقدر أن يرقي من الموت.
وعن ابن عباس أيضاً وأبي الجوزاء: أنه من رقي يرقى: إذا صعد.
والمعنى: من يرقى بروحه إلى السماء؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟
وقيل: إن ملك الموت يقول: "مَن راقٍ" أي: من يرقى بهذه النفس.
قال شهاب الدين: و "راقٍ" اسم فاعل إما من "رقى يرقي" من الرقية، وهو كلام معد للاستشفاء يرقى به المريض ليشفى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ومَا أدْراكَ أنَّها رُقْيَة" يعني الفاتحة، وهو اسم من أسمائها، وإما من "رَقِيَ يرقَى" من الرَّقْي وهو الصعود أي أن الملائكة لكراهتها في روحه تقول: من يصعد بهذه الروح يقال: "رَقَى - بالفتح - من الرُّقية، وبالكسر من الرَّقْي"، ووقف حفص على نون "من" سكتة لطيفة، وقد تقدم تحقيق هذا في أول الكهف.
وذكر سيبويه أن النون تدغم في الراء وجوباً بغنة وبغيرها نحو "من راشد".
قال الواحدي: إن إظهار النون عند حروف الفم لحن فلا يجوز إظهار نون "من" في قوله: "من راق".
وروى حفص عن عاصم: إظهار النون واللام في قوله: "من راق" و "بل ران". قال أبو علي الفارسي: "ولا أعرف وجه ذلك".
قال الواحدي: والوجه أن يقال: قصدوا الوقف على "من" و "بل"، فأظهروهما ثم ابتدأوا بما بعدهما، وهذا غير مرضي من القراءة.
قوله: { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ }، أي: أيقن الإنسان أنه الفراق، أي: فراق الدنيا، والأهل والمال والولد، وذلك حين يعاين الملائكة، وسمي اليقين هنا بالظن؛ لأن الإنسان ما دامت روحه متعلقة ببدنه فإنه يطمع في الحياة لشدة حبه لهذه الحياة العاجلة، ولا ينقطع رجاؤه عنها، فلا يحصل له يقين الموت، بل الظن الغالب مع رجاء الحياة، أو لعله سماه بالظن الغالب تهكماً.
قال ابن الخطيب: وهذه الآية تدل على أن الروح جوهر قائم بنفسه باقٍ بعد موت البدنِ؛ لأن الله - تعالى - سمى الموت فراقاً، والفراق إنما يكون إذا كانت الروح باقية، فإن الفراق والوصال صفة، والصفة تستدعي وجود الموصوف.
قوله تعالى: { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ }. الالتفاف هو الاجتماع، قال تعالى:
{ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } [الإسراء: 104] ومعنى الكلام: اتصلت الشدة بالشدة، شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة. قاله ابن عباس والحسن وغيرهما.
وقال الشعبي وغيره: التفت ساقا الإنسان عند الموت من شدة الكربِ.
قال قتادة: أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب برجله على الأخرى.
وقال سعيد بن المسيب والحسن أيضاً: هما ساقا الإنسان إذا التفتا في الكفنِ.
وقال زيد بن أسلم: التفت ساق الكفن بساق الميت.
قال النحاس: القول الأول أحسنها، لقول ابن عباس: هو آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله، والعرب لا تذكر الساق إلا في الشدائد والمحنِ العظام، ومنه قولهم: قامت الحرب على ساقٍ.
قال أهل المعاني: إن الإنسان إذا دهمته شدة شمَّر لها عن ساقيه، فقيل للأمر الشديد: ساق، قال الجعديُّ: [الطويل]

5007 - أخُو الحَرْبِ إنْ عَضَّتْ بِهِ الحَرْبُ عَضَّهَا وإنْ شَمَّرتْ عَنْ سَاقهَا الحَرْبُ شَمَّرَا

قوله تعالى: { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ }. أي: إلى خالقك يومئذ، أي: يوم الساق، أي: المرجع، و "المساق"مفعل" من السوق وهو اسم مصدر.
قال القرطبي: "المساق": مصدر ساق يسوق، كالمقال من قال يقول.
قوله: { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } "لا" هنا دخلت على الماضي، وهو مستفيض في كلامهم بمعنى: لم يصدق ولم يصل.
قال: [الرجز]

5008 - إنْ تَغْفِر اللَّهُمَّ تَغفِرْ جَمَّا وأيُّ عَبْدٍ لَكَ لا ألمَّا

وقال آخر: [الطويل]

5009 - وأيُّ خَمِيسٍ، لا أتَانَا نِهَابُهُ وأسْيَافُنَا مِنْ كَبْشِهِ تَقطرُ الدِّمَا

وقال مكيٌّ: "لا" الثانية نفي، وليست بعاطفة، ومعناه: فلم يصدق ولم يصل. قال شهاب الدين: "وكيف يتوهم العطف حتى ينفيه".
وجعل الزمخشري { فلا صدق وصلى } عطفاً على الجملة من قوله: { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } قال: وهو معطوف على قوله: "يسأل أيان" أي لا يؤمن بالبعث فلا صدق بالرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم.
واستبعده أبو حيان.
وقال الكسائي: "لا" بمعنى "لم" ولكنه يقرن بغيره، تقول العرب: لا عبد الله خارج ولا فلان، ولا تقول: مررت برجل لا محسن حتى يقال ولا مجمل، وقوله:
{ فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } [البلد: 11] ليس من هذا القبيل؛ لأن معناه: فهلا اقتحم، بحذف حرف الاستفهام.
وقال الأخفش: "فلا صدّق" أي: لم يصدق، كقوله تعالى: "فَلا اقْتَحَمَ" أي: لم يقتحم، ولم يشترط أن يعقبه بشيء آخر، والعرب تقول: لا ذهب، أي: لم يذهب، فحرف النفي ينفي الماضي كما ينفي المستقبل، ومنه قول زهير: [الطويل]

5010 -................... فَلاَ هُوَ أبْداهَا ولمْ يتقدَّمِ

فصل في معنى الآية
قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه لم يصدق بالرسالة، "ولا صلى" أي: دعا لربه - عز وجل - وصلى على رسوله عليه الصلاة والسلام.
وقال قتادة: "فلا صدق" بكتاب الله "ولا صلى" لله تعالى.
[وقيل: لا صدق بمالٍ ذخراً له عند الله تعالى "ولا صلى" الصلوات التي أمر الله بها.
وقيل: فلا آمن بقلبه] ولا عمل ببدنه.
قيل: المراد أبو جهل.
وقيل: الإنسان المذكور في قوله:
{ أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ } [القيامة: 3].
قوله: { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } الاستدراك هنا واضح؛ لأنه لا يلزم من نفي التصدق والصلاة، التكذيب والتولي لأن كثيراً من المسلمين كذلك فاستدرك ذلك بأن سببه التكذيب والتولي، ولهذا يضعف أن يحمل نفي التصديق على نفي تصديق الرسول - عليه الصلاة والسلام - لئلا يلزم التكرار فتقع "لكن" بين متوافقين، وهو لا يجوز.
قال القرطبي: ومعناه كذب بالقرآن، وتولى عن الإيمان.
قوله تعالى: { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ }. أي: يتبختر افتخاراً بذلك. قاله مجاهد وغيره.
"يتَمطَّى" جملة حالية من فاعل" ذهب"، ويجوز أن يكون بمعنى شرع في التمطِّي، كقوله: [الطويل]

5011 - فَقامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسْيفهِ

وتمطى - هنا - فيه قولان:
أحدهما: أنه من "المَطَا" وهو الظهر، ومعناه: يَتبختَرُ أي يمد مطاه ويلويه تبختراً في مشيته.
الثاني: أن أصله "يتمطّط" أي يتمدّد، ومعناه: أنه يتمدد في مشيته تبختراً، ومن لازم التبختر ذلك فهو يقرب من معنى الأول، ويفارقه في مادته، إذ مادة "المطا": "م ط و"، ومادة الثاني: "م ط ط"، وإنما أبدلت الطاء الثانية ياء كراهية اجتماع الأمثال نحو: تطيبت، وقصيت أظفاري، وقوله: [الراجز]

5012 - تَقَضِّيَ البَازِي إذا البَازِي كَسَرْ

والمطيطاء: التبختر ومد اليدين في المشي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المُطَيْطَاءِ وخدَمتهُمْ من فَارِس والرَّومِ كان بَأسهُمْ بَيْنَهُمْ" .
و "المطيط": الماء الخاثر أسفل الحوض؛ لأنه يتمطّط، أي: يمتدّ فيه.
وقال القرطبي: التمطط: هو التمدد من التكسُّل، والتثاقل فهو متثاقل عن الداعي إلى الحق، والتمطي يدل على قلة الاكتراث.
قوله: { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } تقدم الكلام عليه في أول سورة القتال، وإنما كررها هنا مبالغة في التهديد والوعيد، فهو تهديد بعد تهديد ووعيد بعد وعيد؛ قالت الخنساء: [المتقارب]

5013 - هَمَمْتُ بنَفْسِيَ كُلَّ الهُمومِ فأولَى لِنفْسِيَ أوْلَى لَهَا

وقال أبو البقاء هنا: "وزن" أولى فيه قولان:
أحدهما: "فَعْلَى" والألف فيه للإلحاق لا للتأنيث.
والثاني: هو "أفعل"، وهو على القولين هنا "علمٌ"، ولذلك لم ينون، ويدل عليه ما حكى أبو زيد في "النوادر": هو أولاة - بالتاء - غير مصروف، لأنه صار علماً للوعيد، فصار كرجل اسمه أحمد، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ، و "لك" الخبر.
والثاني: أن يكون اسماً للفعل مبنياً، ومعناه: وليك شر بعد شر، و "لك" تبيين.
فصل في نزول الآية
قال قتادة ومقاتل والكلبي:
"خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المَسْجدِ ذَاتَ لَيْلةٍ فاسْتقَبلهُ أبُو جَهْل على بَابِ المَسْجدِ ممَّا يلي باب بني مَخْزُوم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فهزه مرة أو مرتين ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوْلَى لَكَ فأوْلَى، ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأوْلَى فقال أبو جهلٍ: أتُهدِّدنِي؟ فواللَّهِ إنِّي لأعزُّ أهل هذا الوَادِي وأكْرمهُ، ولا تَسْتطِيعُ أنْتَ ولا ربُّكَ أن تَفْعَلا بِي شَيْئاً ثُمَّ انسَلَّ ذَاهِباً" ، فأنزل الله - تعالى - كما قال الرسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومعنى أوْلَى لَكَ يعني ويل لك؛ قال الشاعر: [الوافر]

5014 - فأوْلَى ثُمَّ أوْلَى ثُمَّ أوْلَى وهَلْ لِلدَّرِّ يُحْلَبُ مِنْ مَرَدِّ؟

وقيل: هو من المقلوب، كأنه قيل: "ويل" ثم أخر الحرف المعتل، والمعنى: الويل لك يوم تدخل النار؛ وهذا التكرير كقوله: [الطويل]

5015 -........................ لَكَ الوَيْلاتُ إنَّكَ مُرْجِلِي

أي لك الويل ثم الويل.
وقيل: معناه الذم لك أولى من تركه.
وقيل: المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: قال الأصمعي "أولى" في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك كما تقول: قد وليت الهلاك، أي دانيت الهلاك، وأصله من "الولي" وهو القرب، قال تعالى:
{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ } [التوبة: 123] أي: يقربون منكم.
قال القرطبي: "وقيل: التكرير فيه على معنى من ألزم لك على عملك السيّىء الأول ثم الثاني والثالث والرابع".