ولما كانوا بهذا التأكيد في التبعيد كأنهم قالوا: إنا لا نبعث أصلاً، اتصل به: { إن
هي } أي الحالة التي لا يمكن لنا سواها { إلا حياتنا الدنيا } أي التي هي أقرب الأشياء
إلينا وهي ما نحن فيها، ثم فسروها بقولهم: { نموت ونحيا } أي يموت منا من هو
موجود، وينشأ آخرون بعدهم { وما نحن بمبعوثين* } بعد الموت، فكأنه قيل: فما
هذا الكلام الذي يقوله؟ فقيل: كذب؛ ثم حصروا أمره في الكذب فقالوا: { إن } أي ما
{ هو إلا } وألهبوه على ترك مثل ما خاطبهم به بقولهم: { رجل افترى } أي تعمد { على
الله } أي الملك الأعلى { كذباً } والرجل لا ينبغي له مثل ذلك، أو هو واحد وحده، أي
لا يلتفت إليه { وما نحن له بمؤمنين* } أي بمصدقين فيما يخبرنا به من البعث
والرسالة؛ ثم استأنف قوله: { قال رب } أي أيها المحسن إليّ بإرسالي إليهم وغيره من
أنواع التربية { انصرني } عليهم أي أوقع لي النصر { بما كذبون* } فأجابه ربه بأن { قال
عما قليل } أي من الزمن. وأكد قلته بزيادة "ما" { ليصبحن نادمين* } على تخلفهم عن
اتباعك.