التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ
١٢٦
وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
١٢٧
إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
١٢٨
-النحل

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج الترمذي وحسنه وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار‏:‏ لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لَنُربِيَنَّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله‏:‏ ‏ { ‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين‏ } ‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏نصبر ولا نعاقب‏.‏‏.‏‏.‏ كفوا عن القوم إلا أربعة‏"
‏‏. وأخرج ابن سعد والبزار وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة‏:‏ ‏ "‏أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى منظر لم يَرَ شيئاً قط كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه قد مثل به فقال‏:‏ رحمة الله عليك فإنك كنت ما علمت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسّرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك‏.‏ فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم النحل ‏{ ‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم‏ .‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏ فكفّر النبي عن يمينه وأمسك عن الذي أراد وصبر‏"
‏‏. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس قال‏:‏ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل حمزة ومثل به‏: ‏‏‏لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلاً منهم‏. فأنزل الله ‏ { ‏وإن عاقبتم‏.‏‏.‏‏.‏‏ }‏ الآية‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: بل نصبر يا رب" ‏"‏‏:‏ فصبر ونهى عن المثلة‏.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير، عن الشعبي قال‏:‏
"لما كان يوم أحد وانصرف المشركون فرأى المسلمون بإخوانهم مثله، جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم‏.‏ فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لئن أنالَنَا الله منهم لنفعلن ولنفعلن‏.‏‏.‏‏.‏ فأنزل الله ‏ { ‏وإن عاقبتم‏ .‏‏.‏‏.‏‏ }‏ الآية‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نصبر‏"
‏‏. وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال‏:‏ نزلت سورة النحل كلها بمكة إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة يوم أحد حيث قتل حمزة ومثل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلاً منهم, فلما سمع المسلمون ذلك قالوا‏:‏ والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط" ‏"‏‏.‏ فأنزل الله ‏ { ‏وإن عاقبتم فعاقبوا‏.‏‏.‏‏.‏‏ }‏ إلى آخر السورة‏.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏ }‏ قال‏:‏ هذا حين أمر الله نبيه أن يقاتل من قاتله، ثم نزلت براءة وانسلاخ الأشهر الحرم‏.‏ قال‏:‏ فهذا من المنسوخ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد قال‏:‏ كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذو منعة، فقالوا‏:‏ يا رسول الله، لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب‏.‏ فنزلت هذه الآية، ثم نسخ ذلك بالجهاد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏ { ‏إن الله من الذين اتقوا والذين هم محسنون‏ } ‏ قال‏:‏ اتقوا فيما حرم الله عليهم وأحسنوا فيما افترض عليهم‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن هرم بن حيان أنه لما نزل به الموت قالوا له‏:‏ أوص‏.‏ قال‏:‏ أوصيكم بآخر سورة النحل ‏ { ‏ادع إلى سبيل ربك بالحكمة‏ .‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ إلى آخر السورة‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏ } ‏ قال‏:‏ لا تعتدوا‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن محمد بن سيرين في قوله‏:‏ ‏ { ‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏ } ‏ قال‏:‏ إن أخذ منك رجل شيئاً فخذ منه مثله‏.