التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٦١
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ
٦٢
تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦٣
وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٦٤
وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٦٥
وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ
٦٦
وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٦٧
-النحل

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏ { ‏ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة‏ }‏ قال‏:‏ ما سقاهم المطر‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول‏:‏ إذا قحط المطر لم يبق في الأرض دابة إلا ماتت‏.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة‏ } ‏ قال‏:‏ قد فعل الله ذلك في زمان نوح، أهلك الله ما على ظهر الأرض من دابة إلا ما حملت سفينة نوح‏.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود قال‏:‏ ذنوب ابن آدم قتلت الجعل في جحره، ثم قال‏:‏ أي والله‏.‏‏.‏‏.‏ ومن غرق قوم نوح عليه السلام‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود قال‏:‏ كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم قرأ ‏ { ‏ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة‏ }‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، عن أنس بن مالك قال‏:‏ كاد الضب أن يموت في جحره هولاً من ظلم ابن آدم‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي في الشعب، عن أبي هريرة أنه سمع رجلاً يقول‏:‏ إن الظالم لا يضر إلا نفسه‏.‏ فقال أبو هريرة‏:‏ بلى‏.‏ والله، إن الحبارى لتموت هزلاً وكرهاً من ظلم الظالم‏.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم:‏
"‏لو أن الله يؤاخذني وعيسى ابن مريم بذنونبا،" وفي لفظ‏:‏ "بما جنت هاتان - الإبهام والتي تليها - لعذبنا ما يظلمنا شيئا‏ً"
‏‏. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏ { ‏ويجعلون لله ما يكرهون‏ } ‏ قال‏:‏ يقول‏:‏ تجعلون لي البنات وتكرهون ذلك لأنفسكم‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏ { ‏ويجعلون لله ما يكرهون‏ }‏ قال‏:‏ وهن الجواري‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{ ‏وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى‏ }‏ قال‏:‏ قول كفار قريش لنا البنون ولله البنات.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏وتصف ألسنتهم الكذب‏ } ‏ أي يتكلمون بأن ‏ { ‏لهم الحسنى‏ }‏ الغلمان‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنهم مفرطون‏ } ‏ قال‏:‏ مسيئون‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنهم مفرطون‏ } ‏ قال‏:‏ متروكون في النار ينسون فيها أبداً‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنهم مفرطون‏ } ‏ قال‏:‏ قد فرطوا في النار أي معجلين‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{ ‏وأنهم مفرطون‏ } ‏ قال‏:‏ معجل بهم إلى النار‏.
وأخرج ابن مردويه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي كبشة، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
"ما شرب أحد لبناً فيشرق؛ إن الله يقول‏ ‏{ ‏لبناً خالصاً سائغاً للشاربين‏ }"
‏‏. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي حاتم، عن ابن سيرين‏.‏ إن ابن عباس لبناً فقال له مطرف‏:‏ ألا تمضمضت‏؟‏ فقال‏:‏ ما أباليه بالة، اسمح يسمح لك‏.‏ فقال قائل‏:‏ إنه يخرج من بين فرث ودم‏.‏ فقال ابن عباس‏:‏ قد قال الله ‏ { ‏لبناً خالصاً سائغاً للشاربين‏ }‏.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله‏:‏ ‏ { ‏تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً‏ } ‏ قال‏:‏ السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما حل من ثمرتها.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ السكر الحرام منه، والرزق الحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه‏.‏
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ السكر النبيذ، والرزق الحسن، فنسختها هذه الآية
{ { إنما الخمر والميسر } } ‏[‏المائدة: 90‏]‏‏.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير، عن أبي رزين في الآية قال‏:‏ نزل هذا وهم يشربون الخمر قبل أن ينزل تحريمها‏.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ السكر الخل، والنبيذ وما أشبهه‏.‏ والرزق الحسن‏:‏ الثمر والزبيب وما أشبهه‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏تتخذون منه سكراً ورزقاً حسنا‏ً }‏ قال‏:‏ فحرم الله بعد ذلك السكر، مع تحريم الخمر، لأنه منه، ثم قال‏:‏ ‏ { ‏ورزقاً حسنا‏ً }‏ فهو الحلال من الخل والزبيب والنبيذ وأشباه ذلك، فأقره الله وجعله حلالاً للمسلمين‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً‏ } ‏ قال‏:‏ إن الناس يسمون الخمر سكراً، وكانوا يشربونها، ثم سماها الله بعد ذلك الخمر حين حرمت، وكان ابن عباس يزعم أن الحبشة يسمون الخل السكر‏.‏ وقوله‏‏ { ‏ورزقاً حسناً‏ }‏ يعني بذلك الحلال التمر والزبيب، وكان حلالاً لا يسكر‏.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن ابن مسعود قال‏:‏ السكر خمر‏.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن الأنباري في المصاحف والنحاس، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏تتخذون منه سكرا‏ً } ‏ قال‏:‏ خمور الأعاجم، ونسخت في سورة المائدة‏.
وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير قال‏:‏ السكر الحرام، والرزق الحسن الحلال‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله‏:‏ ‏ { ‏تتخذون منه سكراً‏ } ‏ قال‏:‏ ذكر الله نعمته عليهم في الخمر قبل أن يحرمها عليهم‏.
وأخرج ابن الأنباري والبيهقي، عن إبراهيم والشعبي في قوله‏:‏ ‏{ ‏تتخذون منه سكرا‏ً } ‏ قالا‏:‏ هي منسوخة‏.
وأخرج الخطيب، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏لكم في العنب أشياء تأكلونه عنباً، وتشربونه عصيراً ما لم ييبس، وتتخذون منه زبيباً ورباً والله أعلم‏"
‏‏.