التفاسير

< >
عرض

وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً
١٠٦
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً
١٠٧
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً
١٠٨
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً
١٠٩
-الإسراء

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قرأ ‏{ ‏وقرآناً فرقناه‏ } مثقلة‏.‏ قال‏:‏ نزل القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة، فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً، أحدث الله لهم جواباً‏.‏ ففرقه الله في عشرين سنة‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف من طريق الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزل القرآن جملة واحده من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة‏.‏ فقال المشركون‏:‏ لولا نزل عليه القرآن جملة واحده‏.‏ فقال الله
{ { ‏كذلك لنثبت به فؤادك } ‏ } ‏[الفرقان: 32‏] أي أنزلناه عليك متفرقاً ليكون عندك جواب ما يسألونك عنه، ولو أنزلناه عليك جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك جواب ما يسألونك عنه‏.
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية، عن ابن عباس أنه قرأها مثقلة، يقول‏:‏ أنزل آية آية‏.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمساً خمسا‏ً.
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي نضرة قال‏:‏ كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي، ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ ‏ { ‏وقرآناً فرقناه‏ } مخففاً، يعني بيّناه‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏ { ‏وقرآناً فرقناه‏ }‏ قال‏:‏ فصلناه ‏ { ‏على مكث‏ }‏ بأمد ‏ { ‏يخرون للأذقان‏ } ‏ يقول‏:‏ للوجوه‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد ‏ { ‏على مكث‏ } ‏ في ترسل‏.
وأخرج ابن الضريس عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏وقرآناً فرقناه‏ }‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ لم ينزل في ليلة ولا ليلتين ولا شهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين، وكان بين أوله وآخره عشرون سنة، أو ما شاء الله من ذلك‏.
وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة، عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ كان يقال‏:‏ أنزل القرآن على نبي الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين بمكة وعشراً بعد ما هاجر‏.‏ وكان قتادة يقول‏:‏ عشر بمكة وعشر بالمدينة‏.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ‏ { ‏إن الذين أوتوا العلم من قبله‏ } ‏ هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل الله على محمد‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏من قبله‏ } ‏ من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ‏{ ‏إذا يتلى‏ }‏ ما أنزل عليهم من عند الله‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد ‏ { ‏إذا يتلى عليهم‏ } ‏ قال‏:‏ كتابهم‏.
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عبد الأعلى التيمي قال‏:‏ إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق، أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه؛ لأن الله نعت أهل العلم فقال‏:‏ ‏ { ‏ويخرون للأذقان يبكون‏ }.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح، عن أبي حازم‏:‏ ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي، فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ فلان‏.‏ قال جبريل‏:‏ إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء، فإن الله يطفئ بالدمعة نهوراً من نيران جهنم‏"‏‏.
وأخرج الحكيم الترمذي، عن النضر بن سعد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏لو أن عبداً بكى في أمة من الأمم، لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد‏؛‏ وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة، فإنها تطفئ بحوراً من النار‏.‏ وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله، إلا حرم الله جسدها على النار، وإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة"
‏"‏‏. وأخرج ابن أبي شيبة، عن الجعد أبي عثمان قال‏:‏ بلغنا أن داود عليه السلام قال‏:‏ ‏"‏إلهي‏.‏‏.‏‏.‏ ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ قال‏:‏ جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر‏"‏‏.‏