التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً
٣٣
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
٣٤
-الإسراء

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق‏ } ‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كان هذا بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم بها، وهو أول شيء نزل من القرآن في شأن القتل‏. ‏‏ "كان المشركون من أهل مكة يغتالون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏: ‏من قتلكم من المشركين، فلا يحملنكم قتله إياكم على أن تقتلوا له أباً، أو أخاً، وأحداً من عشيرته، وإن كانوا مشركين فلا تقتلوا إلا قاتلكم‏" وهذا قبل أن تنزل براءة، وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين‏.‏ فذلك قوله‏:‏ ‏ { ‏فلا يسرف في القتل‏ } ‏ يقول‏:‏ لا تقتل غير قاتلك، وهي اليوم على ذلك الموضع من المسلمين، لا يحل لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم‏.
وأخرج البيهقي في سننه، عن زيد بن أسلم رضي الله عنه‏:‏ أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قتل الرجل من القوم رجلاً، لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلاً شريفاً، إذا كان قاتلهم غير شريف، لم يقتلوا قاتلهم وقتلوا غيره، فوعظوا في ذلك بقول الله‏:‏ ‏ { ‏ولا تقتلوا النفس‏ } ‏ إلى قوله ‏ { ‏فلا يسرف في القتل‏ }‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{ ‏ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا‏ً } ‏ قال‏:‏ بينة من الله أنزلها يطلبها ولي المقتول القود أو العقل، وذلك السلطان‏.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{ ‏فلا يسرف في القتل‏ } ‏ قال‏:‏ لا يكثر من القتل‏.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{ ‏فلا يسرف في القتل‏ } ‏ قال‏:‏ لا يقتل إلا قاتل رحمه‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه، عن طلق بن حبيب في قوله‏:‏ ‏{ ‏فلا يسرف في القتل‏ }‏ قال‏:‏ لا يقتل غير قاتله، ولا يمثل به‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏فلا يسرف في القتل‏ } ‏ قال‏:‏ لا يقتل اثنين بواحد‏.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏فلا يسرف في القتل‏ }‏ قال‏:‏ لا يقتل غير قاتله‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه ‏ { ‏فلا يسرف في القتل‏ } ‏ قال‏:‏ من قَتَلَ بحديدة قُتِلَ بحديدة، ومن قَتَلَ بخشبة قُتِلَ بخشبة، ومن قَتَلَ بحجر قُتِلَ بحجر، ولا يقتل غير قاتله‏.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:
‏ ‏ "‏إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة‏"
‏‏. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ "أعق الناس قتلة أهل الإيمان‏"
‏‏. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود، عن سمرة بن جندب وعمران بن حصين قالا‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة‏.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ قال الله‏:‏
"‏لا تمثلوا بعبادي"
‏"‏‏. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏ { ‏فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا‏ً }‏ يقول‏:‏ ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه‏.‏ ومن انتصر لنفسه دون السلطان، فهو عاص مسرف قد عمل بحمية أهل الجاهلية، ولم يرض بحكم الله تعالى‏.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏إنه كان منصورا‏ً }‏ قال‏:‏ إن المقتول كان منصورا‏ً.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن الكسائي قال‏:‏ هي قراءة أبي بن كعب ‏"‏فلا تسرفوا في القتل ان وليه كان منصورا‏ً"‏‏.
وأخرج الطبراني وابن عساكر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ إنه لما كان من أمر هذا الرجل، ما كان، يعني عثمان، قلت لعلي رضي الله عنه اعتزل، فلو كنت في جحر طلبت حتى تستخرج، فعصاني، وايم الله ليتأمرن عليكم معاوية، وذكر أن الله تعالى يقول‏:‏ ‏ { ‏ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً‏ }‏‏.
وأخرج ابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن‏ } ‏ قال‏:‏ كانوا لا يخالطونهم في مال، ولا مأكل، ولا مركب، حتى نزلت
{ { ‏وإن تخالطوهم فإخوانكم‏ } }‏ ‏[‏البقرة: 220‏]‏‏.