التفاسير

< >
عرض

فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٨١
فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٨٢
-البقرة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه‏ }‏ وقد وقع أجر الموصي على الله وبرىء من اثمه في وصيته، أو حاف فيها فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب‏.‏
وأخرج ابن جرير عن قتاده في قوله { ‏فمن بدله‏ } ‏ قال‏:‏ من بدل الوصيه بعدما سمعها، فإثم ما بدل عليه‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{ ‏فمن بدله‏ }‏ يقول‏:‏ للأوصياء من بدل وصية الميت ‏ { ‏من بعد ما سمعه‏ } ‏ يعني من بعد ما سمع من الميت فلم يمض وصيته إذا كان عدلاً ‏ { ‏فإنما إثمه‏ } ‏ يعني إثم ذلك ‏{ ‏على الذين يبدلونه‏ }‏ يعني الوصي وبرىء منه الميت ‏{ ‏إن الله سميع‏ }‏ يعني للوصية ‏{ ‏عليم‏ } ‏ بها ‏{ ‏فمن خاف‏ }‏ يقول‏:‏ فمن علم ‏{ ‏من موص‏ }‏ يعني من الميت ‏ { ‏جنفا‏ً }‏ ميلاً ‏{ ‏أو إثما‏ً } ‏ يعني أو خطأ فلم يعدل ‏{ ‏فأصلح بينهم‏ }‏ رد خطأه إلى الصواب ‏ { ‏إن الله غفور‏ }‏ للوصي حيث أصلح بين الورثة ‏ { ‏رحيم‏ } ‏ به رخص له في خلاف جور وصية الميت‏.‏
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏ { ‏جنفا‏ً }‏ قال‏:‏ الجور والميل في الوصية قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول عدي بن زيد وهو يقول‏:‏

وأمك يا نعمان في اخواتها يأتين ما يأنينه جنفا

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏جنفاً أو إثماً‏ }‏ قال‏:‏ الجنف الخطأ، والإثم العمد‏.‏
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله ‏ { ‏جنفاً أو إثما‏ً } ‏ قال‏:‏ خطأ أو عمدا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله ‏ { ‏جنفا‏ً } ‏ قال‏:‏ حيفا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏ { ‏فمن خاف من موص‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذا حين يحضر الرجل وهو يموت، فإذا أسرف أمره بالعدل وإذا قصر عن حق قالوا له‏:‏ افعل كذا وكذا، واعط فلاناً كذا وكذا‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏{ ‏خاف من موص‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ من أوصى بحيف أو جار في وصية فيردها ولي الميت أو إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه كان له ذلك‏.‏
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ الجنف في الوصية، والإِضرار فيها من الكبائر‏.‏
وأخرج أبو داود في مراسيله وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
"‏يرد من صدقة الجانف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند موته‏"
‏‏.‏ وأخرج عبد الرزاق عن الثوري في قوله ‏ { ‏فمن بدله بعدما سمعه‏ }‏ قال‏:‏ بلغنا أن الرجل إذا أوصى لم تغير وصيته حتى نزلت ‏ { ‏فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم‏ }‏ فرده إلى الحق‏.‏