التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٥٥
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٥٦
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٥٧
-آل عمران

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { إني متوفيك } يقول: إني مميتك.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال { متوفيك } من الأرض.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في قوله { إني متوفيك } يعني وفاة المنام رفعه الله في منامه، قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود:
"إن عيسى لم يمت وأنه راجع إليكم قبل يوم القيامة" .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة { إني متوفيك ورافعك إليّ } قال: هذا من المقدم والمؤخر: أي رافعك إليّ ومتوفيك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مطر الوراق في الآية قال { متوفيك } من الدنيا وليس بوفاة موت.
وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن كعب قال: لما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه، شكا ذلك إلى الله. فأوحى الله إليه { إني متوفيك ورافعك إليَّ } وإني سأبعثك على الأعور الدجال فتقتله، ثم تعيش بعد ذلك أربعاً وعشرين سنة، ثم أميتك ميتة الحي. قال كعب: وذلك تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال
"كيف تهلك أمة أنا في أوّلها وعيسى في آخرها؟" .
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال: لم يكن نبي كانت العجائب في زمانه أكثر من عيسى إلى أن رفعه الله، وكان من سبب رفعه أن ملكاً جباراً يقال له داود بن نوذا، وكان ملك بني إسرائيل هو الذي بعث في طلبه ليقتله، وكان الله أنزل عليه الإنجيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ورفع وهو ابن أربع وثلاثين سنة من ميلاده. فأوحى الله إليه { إني متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا } يعني ومخلصك من اليهود فلا يصلون إلى قتلك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في الآية قال: رفعه الله إليه فهو عنده في السماء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب قال: توفى الله عيسى ابن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: أماته الله ثلاثة أيام ثمَّ بعثه ورفعه.
وأخرج الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه، وإن مريم حملت به ولها ثلاث عشرة سنة، وأنه رفع ابن ثلاث وثلاثين، وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين.
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله { إني متوفيك ورافعك } يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جرير في الآية قال: رفعه إياه توفيته.
وأخرج الحاكم عن الحريث بن مخشبي أن علياً قتل صبيحة إحدى وعشرين من رمضان، فسمعت الحسن بن علي وهو يقول: قتل ليلة أنزل القرآن، وليلة أُسْرِيَ بعيسى، وليلة قُبِضَ موسى.
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والحاكم عن سعيد بن المسيب قال: رُفع عيسى ابن ثلاث وثلاثينَ سنة، ومات لها معاذ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { ومطهرك من الذين كفروا } قال: طهره من اليهود، والنصارى، والمجوس، ومن كفار قومه.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير { ومطهرك من الذين كفروا } قال: إذ هموا منك بما هموا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة } قال: أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على مَنْ ناوأهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال: ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتى يأتي أمر الله" . قال النعمان: فمن قال إني أقول على رسول الله ما لم يقل فإن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى. قال الله تعالى { وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة... } الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { وجاعل الذين اتبعوك } قال: هم المسلمون ونحن منهم، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. ثم قرأ بهذه الآية { يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة }"
" . وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة، فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهو فوق يهود في شرق ولا غرب هم في البلد كلها مستذلون.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال: عيسى مرفوع عند الله ثم ينزل قبل يوم القيامة، فمن صدق عيسى ومحمداً صلى الله عليه وسلم وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله { وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يقول: أدوا فرائضي { فيوفيهم أجورهم } يقول: فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملاً لا يبخسون منه شيئاَ ولا ينقصونه.