التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً
١٤
وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً
١٥
قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٦
قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧
قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٨
-الأحزاب

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ‏{ ‏ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها‏ } ‏ قال‏:‏ لأعطوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على المدينة‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏ولو دخلت عليهم من أقطارها‏ }‏ قال‏:‏ من نواحيها ‏ { ‏ثم سئلوا الفتنة لآتوها‏ } ‏ قال‏:‏ لو دعوا إلى الشرك لأجابوا‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ولو دخلت عليهم من أقطارها‏ }‏ قال‏:‏ من أطرافها ‏{ ‏ثم سئلوا الفتنة‏ } ‏ يعني الشرك‏.‏
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ولو دخلت عليهم من أقطارها‏ } أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة ‏ { ‏ثم سئلوا الفتنة‏ } ‏ قال‏:‏ الشرك ‏{ ‏لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً‏ } ‏ يقول‏:‏ لأعطوه طيبة به أنفسهم ‏ { ‏وما تلبثوا بها إلا يسيراً‏ }‏ ‏{ ‏ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل‏ }‏ قال‏:‏ كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا‏:‏ لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن، فساق الله إليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة. فصنعوا ما قص الله عليكم‏.‏ وفي قوله ‏{ ‏قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم‏.‏‏.‏‏.‏‏. } ‏ قال‏:‏ لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله، وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏وإذاً لا تمتعون إلا قليلا‏ً } ‏ قال‏:‏ ما بينهم وبين الأجل‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏قد يعلم الله المعوقين منكم‏ }‏ قال‏:‏ المنافقين يعوقون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏قد يعلم الله المعوقين منكم‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏قال‏:‏ هذا يوم الأحزاب، انصرف رجل من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف فقال له‏:‏ أنت ههنا في الشواء والرغيف والنبيذ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف‏.‏ قال‏:‏ هلم الي لقد بلغ بك وبصاحبك - والذي يحلف به - لا يستقي لها محمد أبداً قال‏:‏ كذبت - والذي يحلف به - وكان أخاه من أبيه وأمه، والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم بأمرك، وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره، فوجده قد نزل جبريل عليه السلام بخبره، ‏ { ‏قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا‏ً }‏ ‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{ ‏قد يعلم الله المعوقين منكم‏ }‏ قال‏:‏ هؤلاء أناس من المنافقين كانوا يقولون‏:‏ لاخوانهم‏:‏ ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحماً لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه، دعوا هذا الرجل فإنه هالك ‏ { ‏والقائلين لإخوانهم‏ } أي من المؤمنين ‏{ ‏هلم إلينا‏ }‏ أي دعوا محمداً وأصحابه فإنه هالك ومقتول ‏ { ‏ولا يأتون البأس إلا قليلا‏ً } ‏ قال‏:‏ لا يحضرون القتال إلا كارهين‏.‏ وان حضروه كانت أيديهم من المسلمين، وقلوبهم من المشركين‏.