التفاسير

< >
عرض

أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ
٦٢
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ
٦٣
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ
٦٤
طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ
٦٥
فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ
٦٦
ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
٦٧
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ
٦٨
-الصافات

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ لما ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة فقال أبو جهل‏:‏ يزعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، وانا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر، والزبد، فتزقموا، فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر ‏ { ‏إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم‏ }، أي غذيت بالنار، ومنها خلقت، ‏ { ‏طلعها كأنه رؤوس الشياطين‏ } ‏ قال‏:‏ يشبهها بذلك‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏إنّا جعلناها فتنة للظالمين‏ }‏ قال‏:‏ قول أبي جهل‏:‏ إنما الزقوم التمر، والزبد أتزقمه‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله { ‏طلعها كأنه رؤوس الشياطين‏ }‏ قال‏:‏ شعور الشياطين، قائمة إلى السماء‏.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال‏:‏ بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشة إلا نهشت منه مثلها‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏
"مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فلما نفد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ‏أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى }‏ [‏القيامة: 34 - 35]‏ فسمع أبو جهل فقال‏:‏ من توعد يا محمد‏؟‏ قال‏: إياك فقال‏:‏ بم توعدني‏؟‏ فقال‏: أوعدك بالعزيز الكريم فقال أبو جهل‏:‏ أليس أنا العزيز الكريم‏؟‏ فأنزل الله ‏{ ‏إن شجرة الزقوم طعام الأثيم‏ } ‏[‏الدخان: 43‏]‏ إلى قوله { ذق إنك أنت العزيز الكريم‏ } فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه، جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً فقال‏:‏ تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمداً إلا بهذا، فأنزل الله ‏ { ‏إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم‏ } ‏ إلى قوله ‏ { ‏ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم‏ }‏ فقال‏:‏ في الشوب إنها تختلط باللبن، فتشوبه بها { ‏فإن لهم‏ } على ما يأكلون ‏{ ‏لشوباً من حميم‏ }‏‏"
. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏ثم إن لهم عليها لشوبا‏ً } ‏ قال‏:‏ لمزجا‏.‏
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله ‏{ ‏ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } ‏ قال‏:‏ يختلط الحميم والغساق قال له‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول الشاعر‏:

تلك المكارم لا قعبان من لبن شيباً بماء فعادا بعد أبوالا

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏لشوباً من حميم‏ } ‏ قال‏:‏ يخلط طعامهم، ويشاب بالحميم‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء، أهل الجنة وأهل النار، وقرأ‏ "‏ثم إن مقيلهم لإِلى الجحيم‏".
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال‏:‏ في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه‏ "‏ثم إن مقيلهم لإِلى الجحيم‏"‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم‏ }‏ قال‏:‏ مزجاً ‏{ ‏ثم إن مرجعهم لإِلى الجحيم‏ } ‏ قال‏:‏ فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم‏.‏ وتلا هذه الآية
‏{ { ‏يطوفون بينها وبين حميمٍ آن } }‏ ‏[‏الرحمن: 44‏]‏.