أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود، منهم عبد الله بن صوريا، وكعب بن أسد، فقال لهم: "يا معشر يهود اتقوا الله واسلموا، فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق. فقالوا: ما نعرف ذلك يا محمد. فأنزل الله فيهم { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا... } الآية"
".
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { يا أيها الذين أوتوا الكتاب... } الآية. قال: نزلت في مالك بن الصيف، ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { من قبل أن نطمس وجوهاً } قال: طمسها أن تعمى { فنردها على أدبارها } يقول: نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم فيمشون القهقرى، ويجعل لأحدهم عينين في قفاه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله عز وجل { من قبل أن نطمس وجوهاً } قال: من قبل أن نمسخها على غير خلقها. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول:
من يطمس الله عينيه فليس له نور يبين به شمساً ولا قمراً
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ادريس الخولاني قال: كان أبو مسلم الخليلي معلم كعب، وكان يلومه في ابطائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعثه لينظر أهو هو؟ قال كعب: حتى أتيت المدينة فإذا تالٍ يقرأ القرآن { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً } فبادرت الماء اغتسل، وإني لأمس وجهي مخافة أن أطمس ثم أسلمت.
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن المغيرة قال: تذاكرنا عند إبراهيم اسلام كعب فقال: اسلم كعب في زمان عمر، أقبل وهو يريد بيت المقدس، فمر على المدينة فخرج إليه عمر فقال: يا كعب أسلم. قال: ألستم تقرأون في كتابكم { { مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } } [الجمعة: 5] وأنا قد حملت التوراة. فتركه ثم خرج حتى انتهى إلى حمص، فسمع رجلاً من أهلها يقرأ هذه الآية { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً } قال كعب: يا رب آمنت، يا رب أسلمت، مخافة أن تصيبه هذه الآية. ثم رجع فأتى أهله باليمن ثم جاء بهم مسلمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { من قبل أن نطمس وجوهاً } يقول: عن صراط الحق { فنردها على أدبارها } قال: في الضلالة.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: الطمس. أن يرتدوا كفاراً فلا يهتدوا أبداً { أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت } أن نجعلهم قردة وخنازير.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد { فنردها على أدبارها } قال: كان أبي يقول إلى الشام أي رجعت إلى الشام من حيث جاءت ردوا إليه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: نطمسها عن الحق { فنردها على أدبارها } على ضلالتها { أو نلعنهم } يقول سبحانه وتعالى: أو نجعلهم قردة.