التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
-النساء

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ } ‏ قال‏:‏ هم يهود‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال‏:‏ قال أهل الكتاب‏:‏ زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا‏.‏ فأنزل الله هذه الآية ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ } ‏ إلى قوله ‏ { ‏ملكاً عظيماً‏ }‏ يعني ملك سليمان‏.
وأخرج ابن المنذر عن عطية قال‏:‏ قالت اليهود للمسلمين‏:‏ تزعمون أن محمداً أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة، أي ملك أعظم من هذا‏؟‏ فأنزل الله ‏{ ‏أم يحسدون الناس‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏
وأخرج ابن جرير عن الضحاك‏.‏ نحوه‏.‏
وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ }‏ قال‏:‏ نحن الناس دون الناس‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ } ‏ قال‏:‏ الناس في هذا الموضع النبي صلى الله عليه وسلم خاصة‏.‏
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ } ‏ قال‏:‏ محمد‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بضع وسبعين شاباً، فحسدته اليهود فقال الله ‏ { ‏أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله‏ }‏‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال‏:‏ يحسدون محمداً حين لم يكن منهم وكفروا به‏.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية ‏ { ‏أم يحسدون الناس‏ } ‏ قال‏:‏ أولئك اليهود، حسدوا هذا الحي من العرب ‏ { ‏على ما آتاهم الله من فضله‏ } ‏ بعث الله منهم نبياً فحسدوهم على ذلك‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ‏ { ‏على ما آتاهم الله من فضله‏ }‏ قال‏:‏ النبوة‏.‏
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:
‏ ‏ "‏إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"
‏"‏‏.‏ وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏ { ‏فقد آتينا آل إبراهيم‏ }‏ سليمان وداود ‏ { ‏الكتاب والحكمة‏ } ‏ يعني النبوة ‏ { ‏وآتيناهم ملكاً عظيماً‏ } ‏ في النساء، فما باله حل لأولئك الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعاً وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كان في ظهر سليمان مئة رجل، وكان له ثلثمائة امرأة وثلثمائة سرية‏.‏
وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال‏:‏ بلغني أنه كان لسليمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن همام بن الحارث ‏ { ‏وآتيناهم ملكاً عظيماً‏ } ‏ قال‏:‏ ايدوا بالملائكة والجنود‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ‏ { ‏وآتيناهم ملكاً عظيماً‏ } ‏ قال‏:‏ النبوة‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به قال بما أنزل على محمد من يهود‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ‏ { ‏فمنهم من آمن به‏ } ‏ اتبعه ‏ { ‏ومنهم من صد عنه‏ } ‏ يقول‏:‏ تركه فلم يتبعه‏.‏
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة، فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم، واحتاج الناس إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم‏:‏ من آمن أعطيته ومن أبى منعته‏.‏ فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه‏.‏ فذلك قوله ‏{ ‏فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيراً‏ } ‏‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏ { ‏فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة‏ } ‏ ومحمد من آل إبراهيم‏.‏
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال‏:‏ يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة، ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكا‏ً.‏ فقال له ابن عباس‏:‏ أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوّة، فإن لم نستحقها بالنبوّة فبم نستحقها‏؟‏‏!‏ وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله ‏{ ‏فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيما‏ً }‏‏؟‏ فالكتاب النبوّة، والحكمة السنة، والملك الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة لنا ولهم جارية، وأما قولك زعمنا أن لنا ملكاً فالزعم في كتاب الله شك، وكل يشهد أن لنا ملكاً لا تملكون يوماً إلا ملكنا يومين، ولا شهراً إلا ملكنا شهرين، ولا حولاً إلا ملكنا حولين‏.‏ والله أعلم‏.‏